كتب- سيد توكل:
لم يعد سرًا بعد التسريب الأخير لوزير خارجية الانقلاب سامح شكري وهو يعرض بنود اتفاقية تيران وصنافير على محامي حكومة كيان الاحتلال الصهيوني، أن نظام السيسي تحركه أصابع "إسرائيل"، وربما كان ذلك السبب الذي جعل الرئيس السوداني عمر البشير يشن هجوماً على السيسي متهما إياها بدعم حكومة جوبا بالأسلحة في حربها ضد المتمردين، وقال مراقبون أن الهجوم له عدة دوافع تتعلق بالحفاظ على نفوذ الخرطوم في جارتها، جنوب السودان، وإحراج السيسي، وتحجيم علاقات القاهرة الصهيونية.
واستغرب سياسيون من الدعم المستفز من نظام الانقلاب في مصر لحكومة جنوب السودان على حساب شمال السودان، وقيام سلاح الجو المصري بقصف مناطق تابعة لحركة "ريك مشار" المتمردة في جنوب السودان، معتبرين أن ما تقوم به مصر مؤشر واضح لنظام جوبا واستفزاز المنطقة مما قد يدفع إلى حرب إقليمية.
السيسي الصهيوني
وقالت وكالة الأناضول، إنه رغم أن الحرب الأهلية التي اندلعت في جنوب السودان أواخر 2013 جعلت من هذا البلد مسرحا للتنافس الإقليمي، إلا أن القاهرة بقيت بعيدة نسبيا عن الملف رغم ارتباطه بأمنها المائي، لكن مؤخرا ظهرت مؤشرات على انخراط مصري أكبر في الشأن الجنوب السوداني لا سيما بعد زيارة الرئيس "سلفاكير ميارديت" للقاهرة للقاء السيسي.
ورأى مراقبون أن القاهرة تريد بناء تحالف مع جوبا كترياق لما تراه تحالفا بين السودان وإثيوبيا حيث تؤيد الخرطوم سد النهضة الذي تشيده أديس أبابا على مجرى النيل الأزرق، بينما تعارضه مصر خشية تأثيره على حصتها من المياه.
وبحسب الوكالة، أنه على الرغم من نفي جوبا والقاهرة على الفور لاتهامات حركة التمرد، إلا أنها عادت إلى الساحة مجددا، عندما قال الرئيس السوداني لصحف محلية إن "مصر تدعم حكومة جوبا بالأسلحة والزخائر، واستبعد "البشير" مشاركة قوات مصرية بشكل مباشر، قائلا إن "المعلومات التي لدينا أنهم (مصر) يدعمون حكومة الجنوب بالسلاح والذخائر ولا أتوقع أن يقاتلوا في الجنوب".
دوافع صهيونية
سياسيون سودانيين رأوا أن حكومة الانقلاب لديها مصالح معلنة في جنوب السودان تتعلق بأمنها المائي ولا تريد التعرض لخسائر في مجرى النيل الأبيض مثلما حدث مع إثيوبيا، وتعادل حصة البلدين نحو 87% من موارد النهر السنوية، كما أن لديها أسباب غير معلنة.
ورأوا أن العلاقة متأرجحة أصلا بين السودان ومصر بسبب نزاعهما الحدودي على مثلث "حلايب" وتبادلهما الاتهامات بدعم المعارضين، وأنه "لا تعمد القاهرة إلى تصعيد لأنها تحتاج لتعامل مرن مع الخرطوم يحفظ أمنها المائي، وأن البشير "يريد من خلال هذا التصريح إحراج مصر وتحجيم علاقاتها مع جوبا ".
وقالت وكالة الأناضول، أن مصر أخلاقيا ستكون محرجة من تغذية صراع خلف آلاف الضحايا لكن قانونيا ليس هناك ما يمنعها من إرسال أسلحة إلى جنوب السودان، وأن اتهام البشير سيفضي إلى تعقيد علاقته مع "السيسي" لكن هذا ليس سوى إضافة مشكلة إلى مشاكل كثيرة ومعقدة بين البلدين.
وأضافت أن بدأ التقارب المصري الأوغندي الجنوب سوداني يثير جدلا واسعا لدى أوساط سياسية إفريقية، لا سيما في السودان، وبرز هذا التقارب مع زيارة السيسي، إلى عاصمة أوغندا، كمبال، وزيارة رئيس جنوب السودان، "سلفاكير ميارديت"، إلى القاهرة، في ظل تواتر المعلومات بشأن اتفاق أمني بين الدول الثلاث.
العداء للسودان
واتهم الرئيس السوداني عمر البشير، نظام السيسي بدعم حكومة دولة جنوب السودان بالأسلحة والذخائر، وإن لدى إدارته معلومات تفيد بأن القاهرة تدعم حكومة جنوب السودان، مشيراً إلى أن القاهرة لا تقاتل في جنوب السودان، لكنها تمد حكومتها بالأسلحة.
وأكد على أن هناك مؤسسات في مصر تتعامل مع السودان بعدائية، متهماً جهات لم يسمّها داخل هذه المؤسسات بأنها تقود هذا الاتجاه، مضيفا أن المعلومات لدى الحكومة السودانية تفيد بأن الاستخبارات المصرية تتصرف بطريقة تضرّ بالعلاقات بين البلدين، حيث ثبت أن هذه الاستخبارات وراء استضافة القاهرة شخصيات من المعارضة السودانية التي عرقلت وتعرقل محاولات إنهاء الخلافات في الداخل السوداني.
وقال هاني رسلان رئيس قطاع دراسات السودان بمركز الأهرام، تشهد العلاقات بين "السيسى" و"البشير" تذبذب واضح خلال الفترة الماضية، بالأخص بعدما تخلى الأخير عن العسكر فى قضية سد النهضة، التي يبدوا أنها جاءت بأمر سعودي.
وزعم أن البشير يستغل الخلاف بين مصر والسعودية فى الفترة الأخيرة لمحاولة التقرب إلى الرياض، خاصة أنه شعر بالقوة بعد حصوله على مساعدات خليجية، بعد مشاركة بلاده فى التحالف السعودي فى الحرب على الحوثيين باليمن.