كتب سيد توكل:
سادت حالة من السخط العام والاستياء بين عدد من السجناء السياسيين والجنائيين بالسجن الملحق بمركز شرطة طوخ بمحافظة القليوبية، وتحولت غرف الحجز داخل السجن إلى ما يشبه غرزة وتحت سطوة البلطجية، بعد انتشار الأسلحة البيضاء والمخدرات والتليفونات بين السجناء الجنائيين.
البلطجية داخل الأقسام يقومون بفرض سطوتهم على باقي السجناء، وممارسة البلطجة برعاية أفراد الأمن داخل المركز باستخدام أسلحة بيضاء كالسنج والمطاوي والتي يحظر القانون على الأشخاص حملها سواء للمواطنين غير المتهمين والسجناء لها بصفة خاصة.
وانتشرت على فيس بوك، اليوم الأحد، صورا لعدد من المحتجزين بمركز شرطة طوخ، وهم يحملون أسلحة بيضاء "مطواة"، ويتعاطون مخدر "الحشيش"، إضافة إلى انتشار التليفونات المحمولة والتقاط صور لبعضهم البعض أثناء تناولهم الحشيش وحملهم الأسلحة البيضاء في حالة استعراض للقوي وفرد السيطرة علي باقي المساجين.
وقال نشطاء أن السجناء الجنائيين يعيشون حياتهم داخل غرف الاحتجاز بمركز شرطة طوخ بكل رفاهية وبلطجة، ويقومون بإدخال ما يريدون من أسلحة ومخدرات وشفرات أمواس حلاقة لتستخدم في المشاجرات داخل المركز، مقابل إتاوات يحصلها مأمور القسم والسادة الضباط.
الترحيب بالسجين الجديد
فور دخول المتهم الحجز، يتم عمل حفلة استقبال له، ويخضع للتفيش الذاتي، قبل الاستيلاء على متعلقاته الشخصية وكافة أمواله، فضلاً عن التحرش به؛ لإخضاعه لأوامرهم فيما بعد، ويتم اقتياده إلى أحد الأشخاص وكنيته "النبطشي" وهو الآمر الناهي داخل الحجز، وهو المسئول عن دخول وخروج الممنوعات من وإلى الحجز، ويقوم بالتنسيق مع بعض أفراد الشرطة الفاسدين، مقابل تسهيل عملية التهريب.
وإذا أراد "الزبون" الجديد أن يحظى باحترام الجميع، فهو أمام عدة حيارات، أولها أن تكون له علاقة بمسجلي خطر خارج الحجز، أو أن يكون صاحب سجل حافل بالجرائم، والحل الثالث أن يُلقن "النبطشي" علقة ساخنة، ويأخذ مكانه.
بزنس الحجز
داخل الحجز، يُسخِر المتهمون كل شيء لجلب الأموال، دون إضاعة للوقت، وينفذون قوانينهم الخاصة بكل حزم وصرامة، فلا يسمح للمسجون الجديد بالحصول على أكثر من بلاطة، حيث يقضي ليلته الأولى واقفًا، وإذا أراد الحصول على بلاطة أخرى ليجلس القرفصاء فعليه دفع 50 جنيهًا، بالإضافة إلى توليه مهام الإنفاق على الطعام والسجائر وغيرها خلال أيامه الأولى بالحجز، وإلا تعرض للضرب والإهانة.
ليس هذا فحسب، فتجارة المخدرات تظل الأكثر رواجًا داخل الحجز، ويتم تهريب المواد المخدرة بعدة طرق، أهمها داخل الطعام الذي يتم إدخاله إلى السجناء خلال الزيارة، ويقوم أهالي المتهمين بابتكار طرق جديدة للتهريب بشكل متجدد.
عملة السجن
تختلف طبيعة الدفع داخل حجز الأقسام، حسب الخدمة المقدمة من السجناء لبعضهم، وتظل السجائر هي العملة الصعبة التي تفتح جميع الأبواب؛ فالسجين الجديد يتم التعامل معه بالأموال، حيث يطلب منه مبالغ مالية مقابل توفير الحماية والبلاط، والمزاج، أما القدامى فيعلمون أن السجائر هي الأهم، والأكثر ندرة داخل الحجز، ويدفع السجين السجائر مقابل المخدرات، وترتفع أسعار السجائر عن المواد المخدرة.
ويتم بيع ربع إصبع الحشيش، والذي يساوي في الخارج 25 جنيها، بـ100 جنيه داخل الحجز، ويتم تحصيل الثمن "خراطيش سجائر" التي يقوم السجين بتجميعها، وإعطائها لزوجته عند قدومها لزيارته؛ لبيعها في الخارج، وتوفير دخل للأسرة.
ويحصل بعض الأمناء والمسئولين عن الحجز على نصيب من السجائر مقابل السماح بدخولها وخروجها، وتهريب الممنوعات من مخدرات وملاعق وهواتف محمولة وغيرها.
من جانبه، قال أحد نزلاء السجون سابقًا، إن السجائر توفر للسجين الحماية الكاملة والراحة داخل غرفة الحجز، إضافة إلى إمكانية استخدام الهواتف التي يتم تهريبها إلى السجناء من قبل بعض أفراد الشرطة، مؤكدًا أن ثمن دقيقة الهاتف داخل الحجز تصل إلى 20 جنيهًا، يتحصل "النبطشي" على جزء منها فيما يتحصل الشرطي الذي أدخل له الهاتف على الباقي، مشيرًا إلى أن الحجز يحتوي على كل شىء من ملابس، طعام، سجائر، ومخدرات.
بدروه، قال خبير أمني، إن سلطات الانقلاب لا تريد السيطرة على ما يدخل للحجز بشكل كامل، خاصة مع وجود فساد الشرطة التي تتواطئ معهم مقابل رشاوى مالية، هذا إلى جانب الطرق المبتكرة للتهريب، مشيرًا إلى أنه في وقت سابق، تم ضبط زجاجة عصير تم إذابة الحبوب المخدرة بداخلها، وفي أخرى تم إذابة الحبوب المخدرة وحقنها داخل ثمار البرتقال.