رانيا قناوي
أكد الكاتب الصحفي وائل قنديل أن المأساة السورية تجاوزت كونها موضوعاً للخلاف السياسي والأيديولوجي، أو حتى الطائفي، وصارت مقياساً لإنسانية البشر، أو حداً فاصلاً بين أن تكون إنساناً، بالمعنى الصحيح للكلمة، أو تكون حيواناً مفترساً، أو خبيراً استراتيجياً، من شاربي دماء البشر، أو ترامب، أو مصطفى بكري .
وأضاف قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الأربعاء، "لا أتصور أن شخصاً يلقي نظرة على تقرير منظمة العفو الدولية، الأخير، الذي يقول إن حوالي 13 ألف سجين أُعدموا في سجن تابع للحكومة السورية بالقرب من العاصمة دمشق على مدار خمس سنوات، ويواصل تبريره ممارسات نظام بشار الأسد، بدواعي القومية والممانعة و"الدولتية" إلى آخر هذه القائمة من مفردات السقوط الإنساني، والتي تمنح صاحبها إحساساً بالرضا، وهو يصفّق ويهلل لذبح البشر وحرقهم أحياء".
وأشار إلى التقرير الذي استند على شهادات 84 شخصا، أجرت معهم المنظمة مقابلاتٍ، من بينهم حرّاس وسجناء سابقون وقضاة، أنه من 2011 إلى نهاية 2015، كانت تؤخذ مجموعاتٌ لا تقل عن خمسين من نزلاء سجن صيدنايا كل أسبوع إلى خارج الزنزانات، ويُضربون، ثم يُشنقون في منتصف الليل، في "سرّية تامة". و "خلال هذه العملية، كان السجناء يُساقون معصوبي العينين، وهم لا يعرفون كيف ومتى تكون نهايتهم حتى تُعلق المشنقة حول رقابهم."
وأوضح أن شعوب العالم المتحضر حسمت اختياراتها في الامتحان السوري، وقرّرت أن تكون مع الإنسانية، بشكل مطلق، من دون أن تتوقف عند اعتبارات المصلحة والأيديولوجيا، وترى تجسيد ذلك في التظاهرات العارمة التي لا تتوقف، في الولايات المتحدة الأميركية، وعواصم أوروبية، انتصاراً للإنسانية والحياة، ضد الحرب العنصرية البغيضة التي يشنها اليمين المتطرّف في وحشيته، ممثلاً في دونالد ترامب، وأشباهه من رموز اليمين الصاعد في أوروبا، فيما لا تزال قطاعاتٌ عريضةٌ من الشعوب العربية تتأرجح بين إنسانيتها وطائفيتها وتلوّنها السياسي والحزبي، وهي تحدّد مواقفها من المأساة السورية، بعد أن نجحت قوى الاستبداد العربي في اللعب بأدمغة الشعوب.
وأكد قنديل أن المعركة صارت بين البشر وأشباه البشر من حثالات تتغذّى على الدم والإبادة والإقصاء، فترى أنصار ترامب هم أنفسهم مؤيدو بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي والعبوات السلطوية العربية الصغيرة من "ترامب"، باعتبارها منتجاً مثالياً، تشكل من كل عناصر الكراهية والعنصرية ونوازعهما.