كتبت- رانيا قناوي:
في نوع جديد من حظر النشر، وتكميم الأفواه وغياب الشفافية، قرر مجلس القضاء الأعلى، في جلسته المنعقدة اليوم الإثنين، برئاسة المستشار مصطفى شفيق، حظر نشر القضاة والمستشارين وأعضاء النيابة العامة، لأي أخبار تتعلق بشؤون القضاء والقضاة على كافة المواقع الإلكترونية (مواقع التواصل الاجتماعي) أيًّا كانت طبيعتها أو طبيعة القائمين عليها.
يأتي ذلك خلال دراسة تداعيات القضية الخاصة بانتحار أمن عام مجلس الدولة المستشار وائل شلبي، خلال حبسه في هيئة الرقابة الإدارية، على خلفية قضية الرئوة الكبرى التي تم ضبط فيها موظف مجلس الدولة وفي حوزته 150 مليون جنيه، والحديث عن تواطئ مستشارين بالمجلس مع المتهم على رأسهم المستشار المنتحر.
وذكر بيان صادر من مجلس القضاء الأعلى، أن مخالفة الحظر سوف يترتب عليه توقيع الجزاءات التأديبية الواردة في قانون السلطة القضائية أو إخطار جهات التحقيق إذا لزم الأمر.
وكان نائب عام الانقلاب قد أصدر قرارا بحظر النشر في القضية المعروفة بالرشوة الكبرى وانتحار المستشار وائل شلبي.
وأثارت قضايا الفساد في مؤسسة القضاء ردود أفعال واسعة في الشارع المصري، خاصة بعد استغلال قائد الانقلاب لهذا الفساد في مساومة القضاة على قضايا كبيرة مثل التفريط في تراب الوطن، وعلى رأسها قضية تيران وصنافير.
أبرز ملفات الفساد
ولعل أشهر قضايا الفساد في القضاء المصري التي تبدأ من استعلائهم على المصريين الذي ينفقون على رواتبهم من جيوبهم الخاصة، ما صرح به المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة السابق، الذي كشف عن "الزحف المقدس" لتعيين أبناء القضاة، وفصل كل وكلاء النيابة الذين تم تعيينهم في عهد الرئيس محمد مرسي من خلال تعيين الأوائل في الجامعات.
واتفق معه وزير العدل في حكومة الانقلاب السابق محفوظ صابر الذي خرج في تصريحات تلفزيونية وأكد أن ابن عامل النظافة ليس من حقه التعيين في السلك القضائي ولو كان الأول على دفعته، في الوقت الذي يتم فيه غض الطرف عن قضايا فساد القضاة، والتي وصل لحظر النشر في قضية القبض على قاض تم ضبط 68 كيلو حشيش بحوزته.
وكان القاضي المصري طارق محمد زكي مطمئناً أنه لن يتم تفتيش سيارته المحملة بالمخدرات التي جلبها من سيناء لتهريبها والاتجار فيها بسبب حصانته القضائية، فهو رئيس محكمة وسيارته ملصق عليها ما يفيد أنه يعمل بهيئة قضائية، لكن كلباً بوليسياً كان له رأي آخر.
ومن بين قضايا الفساد تسريب بعض الصور الجنسية لأحد قضاة نظام الزند في عهد الانقلاب، وهو في ملهى ليلي مع بعض النساء التي يتناول معهن الخمور، الأمر الذي مثل فضيحة أخلاقية لقضاء الشامخ، فضلا عن مساومة بعض القضاة للنساء في إقامة علاقات محرمة مقابل استصدار أحكام لصالحهن.
ومن هؤلاء القضاة المستشار أحمد ناجي المعروف بقاضي الإعدامات، والذي عرف عنه أيضا لقب "عنتيل القضاء"،بسبب تلك الفضيحة الأخلاقية، والمحتوى الجنسي الذي ظهر على صفحته الشخصية بمواقع التواصل الإجتماعي،وهو القاضي الطاعن في السن ،صاحب الصورة الشهيرة له وهو يرتدي سلسلة ذهبية في رقبته.
وقضى شحاتة بإعدام 183 متهمًا، وأعطى 230 مؤبدًا في 48 ساعة، فهو المختص بالنظر في قضايا الإرهاب وأحداث العنف والتجمهر، والتي تم تشكيلها في يوليو 2013، ليحكم من خلالها بأهم خمس قضايا شهدتها مصر منذ الإنقلاب، وهي قضية غرفة عمليات رابعة، وأحداث مجلس الوزراء ،وقضية اقتحام كرداسة، وأحداث مسجد الإستقامة، وخلية الماريوت.
ويسير على ضربه المستشار سعيد يوسف صبري رئيس محكمة جنايات المنيا، والشهير بالقاضي الجزار ،كما أطلق عليه نشطاء على مواقع التواصل لقب "القاضي المجنون".
وهو الذي أصدر حكما بإعدام 529 متهمًا من معارضي الإنقلاب، بعد جلستين فقط من نظر القضية، ليصبح ذلك هو أسرع حكما بالإعدام في تاريخ القضاء.
وصدر الحكم بعد جلستين فقط، الأولى لم تستغرق سوى 20 دقيقة، والثانية أصدر فيها القاضي حكمه دون حضور متهمين أو محامين عنهم، لتكون هي أول قضية – أيضًا – يصدر فيها حكما بالإعدام دون الاستماع إلى الدفاع أو شهود أو حتى فض أحراز القضية.
وكان ختام قضايا فساد قضاة الشامخ التي لم تنته هي قضية المستشار وائل شلبي التي هزت الشارع المصري، بعد نبأ انتحاره لتورطه مع موظف مجلس الدولة في إدارة شبكة فساد كبيرة تعتمد على تلق الرشوة والسمسرة القضائية.