كتب- إسلام محمد:
لم يكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المثير للجدل، أكمل في المنصب أكثر من أسبوع حين فاجأ العالم بقرارات منع مسلمين من دخول أمريكا ، حتى الحاصلين على البطاقة الخضراء ، وأطقم الطائرات ، بالإضافة إلى قرار بناء سور على الحدود مع المكسيك ، وإلغاء اتفاقية "الشراكة عبر المحيط الهادئ" .. وهي القرارات التي تسببت في زلزال يبدو أن توابعه لن تنتهي سريعا .
وتكمن خطورة قرار منع دخول المواطنين من أبناء سوريا ، إيران ، اليمن ، العراق ، الصومال ، ليبيا ، والسودان ، في عدد من الملامح، أهمها عدم اكتراثه بأي ردود أفعال لمواطني وحكام تلك الدول السبعة التي قرر أن يضع أبناءها على قائمة المغضوب عليهم في أمريكا، بالإضافة لعدم إعلان أي مبررات لمنع أبناء تلك الدول بالتحديد . فضلا عن السرعة العجيبة التي تم من خلالها اتخاذ القرار وتطبيقه .
رفض للعنصرية والغباء
وكما كان القرار مفاجئا ، رغم أنه متوقع ، كانت ردود الأفعال بنفس السرعة ، حيث اندلعت مظاهرات حاشدة في عدد من المطارات الأمريكية ، بالإضافة إلى غضب امتد في أنحاء العالم "غير العربي" تضامنا مع أبناء الدول السبعة ، حيث أعلن بابا الفاتيكان رفضه طرد اللاجئين ، ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند، ترامب، إلى "احترام" مبدأ استقبال اللاجئين ، ناصحا إياه بعدم "الانكفاء" ، وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، في رده على خطوة ترامب، إن كندا ترحب بالفارين من الاضطهاد والإرهاب والحرب ، وقال رئيس الحكومة البرتغالية انطونيو كوستا : "في هذه الفترة من التشكك على المستوى العالمي، من الضروري ان تكون لدينا اوروبا اقوى واكثر وحدة" للتأكيد على "قيمها في مجالات الديموقراطية والحرية والتجارة الحرة".
وأعلن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، إن القرار يستهدف المسلمين بسبب دينهم ، وإنهم سيقومون بالطعن عليه ، وأكد الديمقراطيون بأمريكا إن تطبيق قرارات "اللاجئين" سيلطخ سمعة الولايات المتحدة ، كما وصفت الصحف الأمريكية الصادرة اليوم ، الأحد بأن القرارات استفزازية وتؤدي إلى القطيعة مع العالم.
ومن جانبها أصدرات القاضية الفيدرالية آن دونلي حكما سريعا بوقف تنفيذ القرار ، لإنقاذ العالقين الذين تسبب القرار الرئاسي الأمريكي في أن يتعرضوا لظروف في غاية القسوة والحيرة ، وفي سياق متزامن بدأت في المكسيك حملة مقاطعة للبضائع الأمريكية بعد فرض ضريبة 20% على صادرات المكسيك لأمريكا.
"أرعن" أمريكا
"ترامب" في وضع غير مسبوق ، حيث أصبح الأقرب إلى شخصية ديكتاتور كوريا الشمالية، كيم جونغ أون ، الذي قام رجلان تنكرا في هيئتهما ، بمعانقة بعضهما في شوارع هونج كونج ، تعبيرا عن الرعب الذي يجتاح العالم من تصرفاتهما معا ، فيما يحتفظ العرب له بموقع مميز إلى جانب السفاحين بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي ، ويختص المصريون بتشبيهه بالإعلامي توفيق عكاشة الذي لا تختلف شطحاته كثيرا عن أطروحات رئيس أمريكا الجديد.
ورغم الانتفاضة العالمية التي قوبل بها قرار ترامب بشأن اللاجئين . جاءت مباركة قائد الانقلاب في مصر لذلك القرار حتى قبل أن يصدر ، ففي رده على سؤال مراسل التليفزيون البرتغالي عن رأيه في نية ترامب إجبار المسلمين أن يسجلوا أنفسهم لدى السلطات الأمريكية ، قال السيسي : "كل دولة بتحاول توفر الأمن والاستقرار لرعاياها ولبلدها" ، وهي المباركة التي أثارت الاستياء بنفس القدر الذي أثاره سحب قرار إدانة المستوطنات من مجلس الأمن ، والتنازل عن تيران وصنافير.
ويبقى التساؤل : هل يصمد ترامب أمام الانتفاضة العالمية التي اندلعت في مواجهته منذ اليوم الأول لحكمه والتي رفعت أسلحة ثقيلة من السخرية والمظاهرات والقضاء أم أن المواقف يمكن أن تتغير؟