قبل بدء العام الدراسي.. الدروس الخصوصية غول يذبح الأسر بـ15 مليار جنيه سنويًّا

- ‎فيتقارير

قبل بدء العد التنازلي لبداية العام الدراسي الجديد، ارتفعت أسعار الدروس الخصوصيّة بنسبة 150%، خاصة لطلاب الشهادات الإعدادية والثانوية العامة، وانتشرت الملازم والمراجعات في مختلف مدارس المحافظات، وجميع المراحل التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى الجامعات.

ويؤكد أولياء الأمور أن الدروس تحولت إلى “بيزنس” يهدد الأسر المصرية. متهمين المدرّسين الخصوصيّين بـ”الجشع”، وأنه لا همّ لهم غير الحصول على المال، الأمر الذي يشكّل عبئًا اقتصاديًّا عليهم.

15  مليار جنيه سنويًّا 

وتشير إحصاءات حديثة إلى أن الدروس الخصوصية تلتهم سنويا ما بين 12 و15 مليار جنيه من ميزانيات الأسر المصرية، التي تلجأ في كثير من الأحيان إلى الاقتراض لسداد أجور المدرسين الخصوصيين.

كما أكدت دراسات حديثة أنه بجانب الإنفاق العائلي عليها، هناك 1,5 مليار جنيه تذهب لشراء الكتب الخارجية، في الوقت الذي تعاني فيه مصر من معدل نمو منخفض، إلا أن المشكلة ليست اقتصادية فقط؛ بل لها آثارها الاجتماعية السلبية على الطلبة في المستقبل، حيث التعود على الاعتمادية والخمول العقلي وعدم خلق مشروع باحث جيد يبحث عن المعلومة والمعرفة بأسلوب علمي معاصر.

الاعتماد على الحفظ

خبير المناهج والمواد التعليمية سالم الرفاعي، أكد أن انتشار الدروس الخصوصية في مصر ظاهرة اجتماعية متجذرة في المجتمع منذ سنين طويلة. وحمل الأسر المصرية المسئولية الأولى عن تفاقم تلك الظاهرة، ولجوء الكثير من الأسر للدروس الخصوصية رغم صغر سن الطلاب، لعدم رغبة الوالدين في بذل مزيد من الجهد في المذاكرة لأبنائهم.

وأوضح الخبير التربوي أن التنافسية الشديدة بين الطلاب في المرحلة الثانوية للالتحاق “غير المبرر” بكليات القمة، أدت إلى ازدياد الإقبال على الدروس الخصوصية، لافتا إلى أن الدروس الخصوصية تعتمد على التحفيظ والتعويد على الامتحانات ولا تستطيع تكوين عقلية الطالب وفكره.

وأكد الرفاعي أن طريقة الامتحانات ساعدت على تعاظم تلك الظاهرة، لا سيما أن الامتحانات تفتقر لمهارات التفكير، ولا تقيس مستوى ذكاء الطالب وفهمه.

ورأى أن “الطامة الكبرى” في أن معظم من يعطون الدروس ليسوا معلمين متخصصين أو دارسين لطرق التدريس التربوية، “ويلجأ البعض لتأجير قاعات ومسارح بها آلاف الطلاب لإعطاء الدروس”.

ظاهرة روتينية

ويؤكد د. حامد طاهر، أستاذ الأخلاق ونائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، أن ظاهرة الدروس الخصوصية مسئولية مقسمة على عدة أفراد، والعنصر الأول فيها المدرس الذي لم يستطع توصيل المعلومة بصورة واضحة وسهلة للتلاميذ، والثاني هو التلميذ الذي لم يفهم جيدا أو يطالب ولي أمره بمساعدته بدرس خصوصي، أما العنصر الثالث فهو ولي الأمر الذي يستجيب لرغبة الابن أو الابنة ويتحمل نفقات الدروس الخصوصية.

مستكملا أن الدروس الخصوصية أصبحت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة روتينية، فقد صار من الطبيعي أن يحصل الطالب على درس خصوصي دون رؤية المعلم أو طريقة أدائه، وأصبح المفهوم السائد أن الطريق للمجموع هو الدرس الخصوصي.

وأضاف أنه من بين العوامل التي أسهمت في خلق جيل الدروس الخصوصية هو نمطية الامتحان وقدرة محترفي الدروس الخصوصية من المعلمين على توقع وتخمين أسئلة الامتحان، وبالتالي يلجأ الطالب إلى ذلك للحصول على درجات مرتفعة، لكن المشكلة أن الدروس الخصوصية تخلق من الطالب شخصا اتكاليًّا لا يهتم بما يدور داخل الفصل الدراسي المدرسي، وليس مهتما بما يشرحه المعلم لأن لديه البديل خارج المدرسة.