بعد المصالحة الخليجية.. هل تصلح دبلوماسية كرة القدم ما أفسدته السياسة؟

- ‎فيتقارير

بعد شهر من انتهاء الحصار على قطر، واجهت سلطات الانقلاب قطر، ولكن هذه المرة على ملعب في كأس العالم للأندية، فهل يمكن للرياضة أن تساعد في رأب الصدع الذي دام ثلاث سنوات؟ ويشارك النادي الأهلي المصري في النسخة الثامنة عشرة من كأس العالم للأندية التي تقام في قطر خلال الفترة من 4 إلى 11 فبراير الجاري "2021م"، والتي ربما تقرب بين نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي، رئيس الانقلاب العسكري، والدوحة من خلال كرة القدم.
وكان نظام السيسي والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين أنهوا في يناير الماضي حصارهم المشترك على قطر، حيث وقعت اتفاق مصالحة بعد ثلاث سنوات ونصف السنة.
وتشارك ستة فرق في البطولة التي تجمع الفائزين في الاتحادات القارية الستة، بالإضافة إلى بطل الدوري في الدولة المضيفة. والفريق المشارك من قطر هو نادي الدحيل الرياضي الذي تلقى الهزيمة من الأولى من الأهلي ليودع البطولة ويصعد الأهلي للدور قبل النهائي.
وتأتي البطولة في الوقت الذي تتسابق فيه قطر مع الزمن لوضع اللمسات الأخيرة على الاستعداد لكأس العالم لكرة القدم 2022م.
وتأتي مشاركة النادي الأهلي المصري في البطولة في قطر بعد أيام فقط من اتخاذ نظام السيسي والدوحة سلسلة من الإجراءات لرفع الحصار، بعد أكثر من ثلاث سنوات من التوتر.
وكانت سلطات الانقلاب والرياض وأبو ظبي والمنامة قد قطعت علاقاتها التجارية والدبلوماسية مع الدوحة في يونيو 2017، بعد اتهام قطر بالتدخل في شؤونها الداخلية – وهي اتهامات نفتها الأخيرة. واستأنفت الدولتان علاقاتهما الدبلوماسية في 21 يناير، بعد أيام قليلة من استئناف حكومة الانقلاب رحلاتها الجوية إلى قطر، بعد أن وقعت وثيقة خلال قمة مجلس التعاون الخليجي في العلا، المملكة العربية السعودية، في 5 يناير، وفتحت الوثيقة الباب أمام المصالحة بين الدول الأربع وقطر.
وفي مصر، تعتبر التدابير التي اتخذتها حكومة السيسي والدوحة لتطبيع العلاقات تفصيلًا صغيرًا في الصورة الأوسع للظروف المتغيرة في المنطقة.
يقول طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، في حديث لـ"ميدل إيست آي"، "إنها جزء من ترتيبات جديدة في المنطقة، هي ترتيبات تدعمها الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، هناك حاجة ملحة لإنهاء الانقسامات الإقليمية، نظرا للتهديدات الحالية للأمن الإقليمي".

كرة القدم والسياسة
لطالما كانت كرة القدم أداة سياسية في مصر وفي المنطقة – في بعض الأحيان تجمع الناس معا، وأحيانا تفرقهم عن بعضهم البعض. وقد أفسدت العلاقات بين مصر والجزائر لعدة أشهر بعد أن اشتبك مشجعو البلدين بعنف خلال مباراة بين منتخبيهما الوطنيين في أم درمان بالسودان عام 2009م في تصفيات بطولة كأس العالم "جنوب إفريقيا 2021م".
وفي فبراير 2012، أسفرت أعمال العنف التي اندلعت في مدينة بورسعيد عن مقتل 74 مشجعا أهلاويا في وقت ساد فيه توتر شديد بين مشجعي كرة القدم والمجلس العسكري الحاكم آنذاك، كما كان مشجعو كرة القدم في قلب الانتفاضة ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي انتهى حكمه في عام 2011.
وأشار "موقع "ميدل إيست آي" كان مبارك ونجلاه قد رعوا المنتخب المصري لسنوات عديدة، مع العلم أن كرة القدم كان لها تأثيرها على المصريين، وخاصة على جيل الشباب، الذين كانوا ينفصلون عن الرئيس المسن خلال السنوات الأخيرة التي قضاها في السلطة.
ويبدو أن عبد الفتاح السيسي – الذي استولى على السلطة في عام 2013 بعد انقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا- يحاكي نموذج مبارك فيما يتعلق بالرياضة. وبصرف النظر عن رعاية الفرق الرياضية، فإنه يروج لبلاده كمكان مناسب لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى، وفي عام 2019، استضافت حكومة الانقلاب كأس الأمم الإفريقية، وهي أفضل حدث لكرة القدم في القارة الأفريقية، واستضافت الشهر الماضي بطولة العالم لكرة اليد للرجال، على الرغم من وباء "كوفيد-19".
كما استثمرت إدارة السيسي مليارات الدولارات في تحديث الملاعب والمنشآت الرياضية في البلاد – على الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى أن الأموال التي تنفق على مثل هذه المشاريع البراقة يمكن استخدامها بشكل أفضل على شبكة الرعاية الصحية أو السلامة الاجتماعية في البلاد.
وقالت نادية حلمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بني سويف، لـ"ميدل إيست آي": "لم تتأثر العلاقات بين الشعبين في مصر وقطر بالتوترات السياسية بين البلدين، كرة القدم تتحول بسرعة إلى جزء من القوة الناعمة لأي بلد، وامتلاك القدرة على إزالة الحواجز وخلق صور ذهنية مواتية".

استعدادات جدية
وتأهلت سبع فرق إلى بطولة كأس العالم للأندية، بما في ذلك مدينة أوكلاند النيوزيلندية، بيد أن أوكلاند لم تتمكن من الوصول إلى قطر بسبب إجراءات الحجر الصحى التى اتخذت بسبب تفشي فيروس كوفيد – 19 فى نيوزيلندا ، ما خفض عدد الفرق إلى ستة، وألغيت مباراة الدور الأول، التي كانت مقررة في 1 فبراير الماضي، مما دفع الدحيل تلقائيا إلى الدور الثاني أمام الأهلي في 4 فبراير.
وسبق للدحيل أن رحب بضيوفه المصريين، حيث أعرب المهاجم علي عفيف عن أمله في أن يتأهل فريقه أو الأهلي للمراحل النهائية من المسابقة. وقال مدير الفريق الفرنسي صبري لموشي إن النادي القطري يقوم باستعدادات نشطة لنظيره المصري، كما قال مدير الفريق إسماعيل أحمد إن الدحيل سيعمل مع التركيز ليعكس التقدم في كرة القدم القطرية.
وهذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها الدحيل في كأس العالم للأندية، في حين أن الأهلي "الشياطين الحمر"، يشارك في البطولة للمرة السادسة، وتأهل إلى الدور نصف النهائي بالفوز على الدحيل القطري.

أسئلة صعبة
وتأمل سلطات الانقلاب أن تنضج أطرها الناشئة مع قطر في الفترة المقبلة، وفي في 27 يناير، قال وزير الخارجية في حكومة الانقلاب سامح شكري إنه يتوقع حدوث تغيير في العلاقات بين بلاده وقطر. وأعرب خلال جلسة لبرلمان العسكر، عن أمله في أن يلتزم الموقعون على إعلان العلا بشروطه.
وفي وقت سابق، انتقد بعض أعضاء برلمان الانقلاب وسائل الإعلام القطرية، وخاصة قناة الجزيرة الإخبارية، لاحتفاظها بخط تحريري ينتقد حكومة السيسي.
ومع ذلك، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في برلمان السيسي، كريم درويش إن نظام الانقلاب يحترم جميع الدول، وهذا ينطبق بشكل خاص على الدول العربية الصديقة.
وقال أعضاء آخرون في اللجنة إن كسر الجليد بين القاهرة والدوحة سيتطلب أكثر من مجرد مسابقة رياضية. وقال وسيم فخري، عضو لجنة العلاقات الخارجية ببرلمان العسكر، في تصريح لـ"ميدل إيست آي"، "إن الخط الحاسم للإعلام القطري بشأن نظم السيسي مسألة مهمة، ولدينا آمال في أن يتمكن البلدان من تجاوز خلافاتهما والالتزام بتفاهمهما في "العلا".
https://www.middleeasteye.net/news/egypt-qatar-blockade-club-world-cup-football-diplomacy