لماذا تم إرجاء زيارة “عباس كامل” إلى الكيان الصهيوني؟

- ‎فيتقارير

أثار انقضاء شهر نوفمبر 2021م دون قيام اللواء عباس كامل بزيارة إلى الكيان الصهيوني بحسب ما أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية في بدايات نوفمبر الماضي، موجة من التساؤل حول الأسباب التي أدت إلى تأجيل الزيارة، وعن الموعد الجديد الذي ستتم فيه الزيارة في ظل قيام جهاز المخابرات المصري بالتوسط بين "إسرئيل" وفصائل المقاومة في غزة.

وكان كامل قد صرح ــ على هامش مشاركته في قمة جلاسكو للمناخ ــ لبعض وسائل  الإعلام الإسرائيلية أنه سوف يقوم بزيارة إلى تل أبيب نهاية الشهر، وشرح الخطة المصرية فيما يتعلق بقطاع غزة، واستعادة الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى (حركة) حماس".

وكان من المفترض أن يعقد كامل اتفاقاً في تل أبيب نهاية نوفمبر 2021، يشمل وقفاً لإطلاق النار طويل الأمد، وتبادلاً لأسرى، ومساعدات إغاثية وإعادة إعمار، وعودة، ولو رمزية، للسلطة الفلسطينية إلى غزة، وذلك بحسب ما أكده كامل لصحافيين إسرائيليين على هامش مشاركته في قمة جلاسكو. وقال إنه "سيزور تل أبيب في وقت لاحق من الشهر الحالي (نوفمبر الماضي)، لإجراء محادثات مع بينت ومسؤولين كبار آخرين"، في ثاني زيارة له منذ أن تولت الحكومة الإسرائيلية الجديدة مهامها في 13 يونيو2021. وأكد أن "مصر تجري محادثات بشكل يومي مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بشأن عدة قضايا، بينها (التوصل إلى) اتفاق وقف إطلاق نار محتمل طويل الأمد في غزة".

وأشار كامل وقتها إلى أن الاتفاق المأمول سيضم أيضاً تبادلاً لأسرى بين إسرائيل و"حماس"، وهو ما تعمل مصر على التوصل إليه "ليل نهار"، على حد تعبيره. واعتبر أن هذا الاتفاق "يجب أن يبدأ بالإفراج عن سجناء فلسطينيين، مسنين ونساء فلسطينيات في السجون الإسرائيلية". وأضاف: "يجب أيضاً معالجة مسألة إعادة جثتي جنديين إسرائيليين، وإطلاق سراح مدنيين إسرائيليين اثنين تحتجزهما حماس في غزة"، علماً أن الحركة تعتبرهما جنديين لا مدنيين. وتابع كامل أن الاتفاق يتضمن كذلك اتخاذ "المزيد من الخطوات الاقتصادية والإغاثية لصالح المدنيين في غزة".

السبب الأول في تأجيل الزيارة بحسب مراقبين قد يكون انشغال حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأجهزتها الأمنية بالملف النووي الإيراني، وتصعيد اللهجة في تل أبيب ضد طهران، التي وصلت إلى حد تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، قد عطل زيارة كامل إلى تل أبيب، لا سيما في الوقت الذي جرت فيه اتصالات مصرية إيرانية، لتطوير العلاقات بين البلدين.

السبب الثاني،  هو عدم توصل المخابرات المصرية إلى إقناع حكومة الاحتلال بالموافقة على الصيغة النهائية لصفقة تبادل الأسرى في ظل عدم موافقة حكومة الاحتلال حتى اليوم على التصور النهائي الذي وضعته المخابرات بعد لقاءاتها المتعددة مع قيادات الفصائل الفلسطينية. فلا تزال حكومة الاحتلال ترفض تقديم أي تنازلات في الصفقة، وتشترط الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين حددتهم في مطالبها مقابل الإفراج عن الجنود الإسرائيليين". وسط ترجيحات بأن يكون "عدم ظهور وزير المخابرات المصرية في تل أبيب نهاية الشهر الماضي، كما كان مقرراً، هو بسبب عدم اكتمال الصفقة، وخشية ألا يكون للزيارة مردود واضح". في سبيل ذلك فقد مارست القاهرة ضغوط كبيرة على فصائل المقاومة لمواصلة التهدئة المؤقتة لدفع المخطط الذي صاغته المخابرات المصرية لتحسين الوضع الاقتصادي والإنساني في غزة وإتمام صفقة تبادل الأسرى. وتحظى التحركات المصرية بترحيب وثناء واسع من جانب حكومة الاحتلال التي ترى في الدور المصري خادما للتوجهات الإسرائيلية وحاميا لمصالحها العليا.

في السياق أفادت صحيفة "العربي الجديد" في تقرير لها نقلا عن مصادر مطلعة أن القاهرة تخطط لبناء ثلاث مدن سكنية جديدة في قطاع غزة، الأولى في شمال قطاع غزة وتضم 500 وحدة سكنية، والثانية أيضاً في نفس المنطقة وتضم 700 وحدة سكنية، والثالثة وسط قطاع غزة مكونة من 1500 وحدة سكنية. كما تدرس إنشاء جسرين في منطقة حي الشجاعية في مدينة غزة والآخر في منطقة السرايا".

وفي أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير مايو 2021م، دخلت عشرات الجرافات المصرية إلى غزة  يرافقها سبعون مهندسا مصريا؛ بدعوى المساعدة في إزالة الركام وأنقاض المنازل التي تهدمت بفعل العدوان الإسرائيلي، فيما اعتبر مؤشرا على توجهات قادمة بمنح القاهرة نفوذا أوسع في غزة وصولا إلى منحها حق إدارتها كما كانت قبل عدوان 5 يونية 1967م. والمعروف أن المستفيد الرئيسي من برنامج إعادة إعمار غزة، الذي تتولاه مصر، هي شركة "أبناء سيناء"، المملوكة لرجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، والذي يشغل أيضاً منصب زعيم قبيلة الترابين وجمعية زعماء العشائر في شمال سيناء، والتي تتعاون مع المخابرات المصرية في ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب".