بسبب الفقر والبطالة والضرائب.. مصريون يتحايلون على الفقر بأفراح وهمية من أجل “النقطة”

- ‎فيتقارير

ألجأت توابع الفقر والبطالة الكثير من المصريين في ظل الانقلاب العسكري للتحايل من أجل الحصول على الأموال اللازمة لتسيير أمورهم المعيشية، يشكو الملاييين من المصريين الذين ضربهم الفقر إثر سياسات الجشع الرأسمالي المنفلت بعهد السيسي، فقد وصل عدد الفقراء لأكثر من 80 مليون مصري ويزيدون وفق تقديرات مستقلة، بينما لا تتجاوز نسبتهم وفق تقديرات الجهاز المركزي  للتعبئة والإحصاء .

يأتي ذلك في ظل ارتفاع تكلفة موكب السفيه السيسي إلى عدة ملايين لأي جولة داخلية، بسبب المبالغة الشديدة في عدد السيارات والحراسات، فضلا عن وجود سرب طائرات لحمايته من الجو ، وهو إجراء لايقوم به حتى رئيس كبرى الدول وليس دولة فقيرة قوي كما يقول السفيه.

 

33 % من المصريين تحت خط الفقر

ومع استمرار سياسات العسكرة الاقتصادية تعطلت حركة ملايين الشركات المدنية وتوقف العمل وزادت البطالة بين الشباب والعمال، مقابل تزايد سخرة المجندين الذين يخدمون في مشاريع الجيش، التي تجري بمصر، ومن ضمن الحيل التي يلجأ إليها مصريون، هو أفراح النُقطة أو ما تسمى "أفراح  الجمعية" التي  تُقام أحيانا بلا عريس أو عروسة ، من أجل النقطة .

 

فيلم الفرح

ويكرر المصريون إنتاج فيلم الفرح، الذي قام ببطولته الفنانون خالد الصاوي وماجد الكدواني ومحمود الجندي، من أجل أن يتمكن الصاوي من شراء سيارة أجرة للعمل بها بدلا من حالة الفقر والعوز التي يعيشها.

ويكرر آلاف المصريين التجربة، طلبا لتتحصيل أموال يقتاتون بها، وسط تعطل الأحوال الاقتصادية وتزايد ديون الأسر وعجز أربابها عن توفير حاجيات أبنائهم، مع غلاء الأسعار وتسلسل فرض الضرائب والرسوم التي طالت كل شيء في حياة الشعب، من الزيوت إلى الصابون والأطعمة والمشروبات والأدوية وتذاكر الطيران وددخول المسارح والسينما وغيرها. وهو ما قابله وقف زيادات الرواتب ووقف الترقيات والتعيينات بالحكومة، وبيع شركات القطاع العام قطاع الأعمال.

 

النفطة هي الحل

والنقطة من أشهر التقاليد في الأفراح والمناسبات الشعبية المصرية؛ حيث يتسابق المدعوون لتقديم النقود إلى العريس والعروس، يظل العريس يجمع النقود لتكون عونا له، ويُنفق منها خلال الفترة الأولى من حياته الجديدة، بعد أن يكون قد أنفق أغلب مدخراته استعدادا للزواج.

وفي السنوات الأخيرة تحوّلت النقطة إلى مشروع استثماري ووسيلة لجمع المال عن طريق التحايل، وعلى طريقة فيلم "الفرح" يجري تنظيم حفلات أعراس وهمية لجمع مبلغ من المال.

وقد أعتاد المصريون منح العروسين بعض المال من باب تقديم الدعم لهما في بداية حياتهما الزوجية، وضمان تغطيتهما ماليا في الفترة الأولى من الزواج، التي عادة ما يقضيانها مرتاحين في بيت الزوجية الجديد، وتسمى هذه الأموال الممنوحة للعروسين باسم "النُّقطة"، وظلت "النقطة" إلى الآن طقسا ثابتا في جميع الأعراس المصرية، تُعبّر عن قيمة التكافل الاجتماعي بين المصريين، وبدأت في التسلل كذلك إلى بعض المناسبات الأخرى مثل: احتفالات أسبوع المواليد، والولادة، وغيرها من المناسبات.

و"أفراح النقطة" بشكلها الحالي استعارة اجتماعية -إذا صح التعبير- لنقطة الأعراس المصرية الاعتيادية، حيث تحولت فيها النقطة من مبالغ مالية تُهدى على هامش مناسبةٍ ما، كالزواج أو الإنجاب مثلا إلى هدف بحد ذاتها، تُقام من أجله مناسبة خاصة مستقلة، فيجمع "صاحب الفرح" الناس للسهر والاحتفال بهدف تحصيل النقطة منهم، ويتكرر هذا الحدث باستمرار في الأيام اللاحقة من أشخاص مختلفين، لتدور "النقطة" على آخرين!

ورغم أن الهدف الرئيسي من إقامة هذه الأفراح هو تحصيل النقطة؛ يظل قضاء ليلة سعيدة بالسهر والاحتفال مع الراقصات وترديد الأغاني هو ما يدفع الكثيرين من جمهور أفراح النقطة لحضورها أو المشاركة فيها، ويظهر هذا بوضوح مع بعض المتطفلين على هذه الأفراح، الذين لا تشغلهم النقطة بالطبع، بقدر ما يشغلهم قضاء وقت لطيف في حضرة الراقصات والمشاريب.

وبحسب شاهد عيان، تبدو أفراح النقطة بديلا أمام بعض المأزومين ماليا من الإقدام على ارتكاب جرائم السرقة أو بيع الأعضاء البشرية من أجل مواجهة الفقر المتصاعد بين كثير من الأسر التي باتت تتقلب بين فقر وجوع ومرض ورسوم وضرائب وغلاء أسعار وكبت اجتماعي وسياسي واقتصادي وزحام بالشوارع والمساكن وعجز عن تلبية حاجات الأسرة.

 

التوحش العسكري

يأتي ذلك إثر سياسات التوحش العسكري الرأسمالي، الذي يهدد المصريين بإلغاء الدعم التمويني، رغم انفلات الأسعار والغلاء المتزايد الذي يشل حياة ملايين المصريين، فيما ينعم العسكريون وأسرهم بالمناقصات المليارية بالأمر المباشر، ويستثنىي الفقراء حتى من تحصيل الحد الأدنى للاجور المقر من الحكومة مؤخرا بنحو 2400 جنيه، إلا أن الحكومة نفسها فتحت باب التهرب أمام الشركات الخاصة من دفعه بحجة  عدم القدرة وكورونا وغيرها.

ويفتح ذلك الباب واسعا أمام الفقراء لمواجهة أعوام الرمادة، بحيل بين الحلال والحرام والمكروه والاضطرار، والذي يفاقم فيما بعد أزمات أخلاقية واجتماعية ومصائب قد يدفع الجميع ثمنها لاحقا، سواء باندلاع ثورة شعبية تقتلع نظام السيسي من جذوره او انفلات أمني واجتماعي أو كوارث صحية واقتصادية يُدفع المجتمع نحوها دفعا من قبل العسكر.