هل رضخت تركيا للسعودية أم هي تحالفات جديدة في ضوء الحرب الروسية على أوكرانيا؟

- ‎فيعربي ودولي

نشر موقع "ميدل إيست مونيتور"تقريرا للمحلل السياسي معتصم الدالول تطرق خلاله إلى دلالات التقارب السعودي التركي ، وتداعياته على السياسة الإقليمية والدولية.

وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" زار الرئيس التركي رجب أردوغان جدة في يوليو 2017 والتقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، للتوسط من أجل إنهاء الحصار المفروض على قطر من قبل السعوديين والإمارات والبحرين ومصر، وقال آردوغان للصحافيين في مطار إسطنبول قبل توجهه إلى السعودية "لم يعد أحد مهتما بإطالة هذه الأزمة".

وكانت تلك آخر زيارة يقوم بها أردوغان إلى السعودية قبل زيارة الأسبوع الماضي، عندما التقى مرة أخرى الملك وولي العهد ، لمناقشة وضع حد للحصار الذي تفرضه السعودية وحلفاؤها على تركيا.

يذكر أن معظم دول الخليج بما فيها السعودية تقيم علاقات جيدة مع تركيا توترت بسبب مواقفها المختلفة إزاء ثورات الربيع العربي وكانت تركيا مؤيدة لها ، في حين عارضتها معظم دول الخليج.

كما توترت العلاقات الثنائية بين البلدين بشكل كبير بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي على يد فرقة اغتيالات سعودية في قنصلية المملكة في إسطنبول عام 2018 ، واتهم أردوغان حينها أعلى المستويات في القيادة السعودية بإصدار أمر بالقتل، إلا أنه لم يذكر أي مسؤول.

 وأثار مقتل خاشقجي احتجاجات عالمية ضد المملكة وضد بن سلمان الذي يحكم البلاد بحكم الأمر الواقع ، وأصرت تركيا على التماس العدالة في قضية خاشقجي وبدأت الإجراءات القانونية؛ اتهمت وكالة المخابرات المركزية بن سلمان بإصدار أمر بالقتل ، ومع ذلك لم تتخذ أي دولة أو هيئة دولية حتى إجراء عقابيا صغيرا ضد المملكة العربية السعودية.

وبحسب رويترز، أدى هذا إلى مقاطعة سعودية غير رسمية للبضائع التركية، مما خفض الصادرات التركية للمملكة بنسبة 90 في المئة ، ومع ذلك قرر أردوغان إصلاح العلاقات مع الرياض.

ومنذ بداية هذا العام خففت أنقرة من انتقاداتها لقتل خاشقجي ، وقد ارتفعت واردات المملكة العربية السعودية من تركيا بنسبة 2.8 في المائة في الشهرين الأولين من عام 2022.

وكانت تركيا قد نقلت الشهر الماضي محاكمة 26 سعوديا مشتبها بهم في قضية خاشقجي من المحاكم التركية إلى السعودية، رغم الإدانة الواسعة من الجماعات الحقوقية وخطيبة خاشقجي خديجة جنكيز، وربما شجع هذا وحده المملكة على دعوة أردوغان لزيارة الرياض ولقاء الملك الذي يعاني من الشيخوخة ووريثه.

كان أردوغان متحمسا بشأن الاجتماع لأنه يرى أن التجارة مع السعودية شرط مهم لإنعاش الاقتصاد التركي، ويعتبر دعم الرياض السياسي والدبلوماسي حيويا قبل الانتخابات الرئاسية في العام المقبل ، وهو يعلم أيضا أن العامل المحفز لقطيعة بلاده مع السعوديين أو الربيع العربي، انتهى إلى كل شيء باستثناء اسمه.

وقبل توجهه إلى جدة، قال أردوغان للصحفيين إن "زيارته للسعودية كانت  تعبيرا عن إرادتنا المشتركة  لتحسين العلاقات وتعزيز العلاقات السياسية والعسكرية والثقافية ، وأضاف أنه سيكون من المفيد للجانبين تعزيز التعاون في مجالات تشمل الصحة والطاقة والأمن الغذائي والدفاع والمالية".

وأوضح قائلا "من خلال الجهود المشتركة، أعتقد أننا سننقل علاقاتنا إلى ما هو أبعد مما كانت عليه في الماضي ، وأضاف أن انتهاء شهر رمضان كان وقتا مناسبا للزيارة، لقد كان شهرا لتجديد وتعزيز العلاقات الأخوية".

ونقلت دويتشه فيله عن المحلل السياسي السعودي هاني النقشبندي قوله "هذه الزيارة ليست عادية لرئيس دولة ، بل هي أكثر من كونها دلالة رمزية يعقبها ارتفاع في حجم التجارة والسياحة والعلاقات الاقتصادية". وأشار إلى أن أردوغان كان ويسعى للمصالحة مع المنطقة ككل.

وأشار المحلل السياسي علي الشهابي إلى أن "أردوغان كان معزولا ودفع ثمنا باهظا من الخسائر الفادحة الناتجة عن مقاطعة اقتصادية أو سياحية، وإن هذه العزلة ترجع إلى إصرار أردوغان على إحالة قضية قتل خاشقجي إلى المؤسسات الدولية".

وقال مساعد أردوغان يوسف كاتب أوغلو إن "هذه الزيارة جاءت تلبية لدعوة سعودية، وكانت ذات منفعة متبادلة لتركيا والسعودية، فالأولى تريد استثمارات سعودية، في حين تريد الأخيرة أسلحة ورجال أعمال أتراك".

وحقيقة أن ابن سلمان استقبل أردوغان بحفاوة في جدة بعد سنوات من وصفه بأنه جزء من محور الشر الإقليمي، عكست بوضوح اهتمام السعودية بإصلاح العلاقة المتوترة.

من جهته، تساءل الصحفي والمحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا "لماذا يجب أن يبقى البلدان على خلاف بعضهما البعض، وأضاف أن كل الأسباب التي أدت إلى الانقسام التركي السعودي اختفت".

ولم يقبل الزعم بأن السعوديين قد سامحوا أردوغان بالضرورة لمتابعة قضية خاشقجي، قائلا "كان بإمكان تركيا إغلاق القضية بهدوء، ولكنها لم تفعل وفعلت كل ما في وسعها ثم نقلت القضية إلى المحاكم السعودية لأن جميع المشتبه فيهم موجودون هناك". وبالنظر إلى إحجام أمريكا الواضح عن اتخاذ تدابير عقابية ضد المملكة العربية السعودية، ماذا يمكن لتركيا أن تفعل؟

كما أشار ياشا إلى التحالفات الجديدة التي يتم تشكيلها في ضوء الحرب الروسية في أوكرانيا، واختتم حديثه مسلطا الضوء على نجاح الصناعات الدفاعية التركية قائلا "سيكون من الجنون أن تكون متفرجا لا أن تكون صانعا للسياسات في هذا الوقت، مواقف أنقرة القوية والمستقلة من القضايا الدولية والدور الكبير الذي تلعبه تركيا في الوساطة وحل الأزمات الدولية".

Did Turkey bow down to Saudi Arabia?