“الصهاينة يصطافون في “تيران وصنافير”.. خطوة تطبيعية مبكرة أم صدامية مع مصر؟

- ‎فيتقارير

كشف مجلة "جلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية 22 يناير 2023 أن جزيرتي تيران وصنافير اللتين انتقلت ملكيتهما من مصر للسعودية، سيتم تأهيلهما سياحيا بفنادق وكازينوهات لاستقبال الصهاينة قريبا.

وأشارت إلى أن السعودية تعتزم بناء جسر بري يربطها مع مصر لتسهيل انتقال السياح القادمين من الأراضي المحتلة، بما يسمح للإسرائيليين بقضاء إجازة في جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر، والتي اشترتها من مصر عام 2016.

ومعروف أن هذا الجسر ظلت مصر والسعودية ترفضان بناءه في عهد الرئيس السابق الراحل مبارك لأسباب أمنية للأولى وسياسية للثانية التي كانت تشترط الاستيلاء على  تيران وصنافير.

المجلة الإسرائيلية قالت أيضا إن "حاملي جوازات السفر الإسرائيلية الذين يدخلون مصر من مطار طابا أو شرم الشيخ، سيتمكنون من قضاء عطلاتهم في الفنادق والكازينوهات التي تديرها الشركات السعودية على جزيرتي تيران وصنافير بعد تنازل السيسي عنهما".

كما سيتمكن السياح الصهاينة قريبا من زيارة الجزر في السعودية، والاستمتاع بمشروع البحر الأحمر داخل المملكة.

 

خطوات الاقتراب من "الكيان" 

وتشمل رؤية 2030 لولي عهد السعودية محمد بن سلمان، إلى تطوير بلاده وفتحها على العالم، عبر مشاريع سياحية ضخمة، بما في ذلك إقامة مشاريع على طول شواطئ البحر الأحمر حتى خليج إيلات.

وفقا لمصادر المجلة العبرية "يشير فتح جزيرتي تيران وصنافير أمام السياح الإسرائيليين إلى رغبة السعودية في تعزيز خطوات الاقتراب من إسرائيل".

وفي 22 يناير 2023 أكدت وكالة رويترز أن نتنياهو ناقش مع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان؛ مسألة التطبيع مع السعودية، والتركيز نحو تحقيق اختراق دبلوماسي بين الرياض وتل أبيب.

وترجح مصادر سياسية مصرية أن يكون إعلان السماح بسفر الصهاينة إلى تيران وصنافير خطوة صهيونية للضغط على السعودية لتسريع التطبيع الرسمي بدل التطبيع الفعلي غير المعلن.

أو أن يكون خبر قضاء الصهاينة عطلاتهم في تيران وصنافير تسريبات سعودية للضغط على مصر في ظل أنباء تأخير تسليم القاهرة للجزر لطلب مزيد من المنح المالية.

وتؤكد المصادر أن خبر السماح للصهاينة بدخول الجزر التي كانت مصر تحاول تقييد الوصول إليها من جانب الصهاينة أغضب القاهرة ، بحسب ما ذكرت مصادر بالخارجية المصرية لأنه أمر يحتاج إلى تنسيق أمني بين القاهرة والرياض.

وعقب نشر الخبر، كان ملفتا تصريح عبد الفتاح السيسي في حفل الشرطة "مفيش أرض حد هياخذها من مصر"؛ ما أثار تساؤلات حول ما يقصده السيسي ، وهل هو رسالة مبطنة للمملكة أنه سيعرقل بصورة أكبر تسليمها الجزر؟

والجزيرتان جزء من «المنطقة ج» والمُحددة في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، كمكان لتواجد قوات حفظ السلام الدولي.

لكن بعد اتفاقية كامب ديفيد تم نزع السلاح عن الجزر ، وأصبحت إحدى نقاط تفتيش قوات حفظ سلام أمريكية بعدما أصبحت جزءا من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979.

وأثار توقيع عبد الفتاح السيسي على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، التي انتقلت بموجبها تبعية جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر إلى المملكة، غضبا شعبيا واسعا، وخرجت مظاهرات منددة بالاتفاقية واعتبرتها تفريطا في أرض مصرية.

وطالبت إسرائيل ألا يكون نقل ملكية الجزر مخالفة لاتفاقية السلام التي نصت على تفكيكها، وأن تعمل فيها قوة متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، حيث تخشى إسرائيل أن نقل ملكية الجزيرتين إلى سيطرة السعودية على المخرج من خليج إيلات، لذلك أرادوا التأكد من أن حركة المرور الإسرائيلية على طرق التجارة لن تتضرر.

 

ادفعوا الأول!!

المفارقة في الإعلان الصهيوني أن مجلة (جلوبس) حين تحدثت عن تيران وصنافير قالت إن "مصر باعتها للسعودية، في إشارة إلى أن السيسي باع قطعة من أرض مصر للسعودية وحصد الثمن لصالح نظامه الفاسد".

ومع أن اتفاق تسليم جزر تيران وصنافير للسعودية اتفاقا كاملا، لقاء مساعدات سعودية أمريكية تلقاها السيسي، فالجديد في هذا الملف أن السيسي يماطل في تسيم الجزر، ويشترط الحصول على 130 مليون دولار قبل التسليم، بحسب موقع أكسيوس الأمريكي.

ويوم 21 ديسمبر 2022 نشر موقع أكسيوس الأمريكي تقريرا يشير فيه إلى إيقاف وتباطؤ مصر في تنفيذ إجراءات اتفاقية نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، لأن نظام عبد الفتاح السيسي يرغب في تحصيل ثمن أكبر للتنازل.

نقل عن مصادر أمريكية وإسرائيلية أن سبب تأخير السيسي تسليم الجزر المباعة هو أنه لم يقبض الثمن وبسبب تعليق الولايات المتحدة الأمريكية جزءا من المساعدات العسكرية لمصر بدعوى انتهاكات حقوق الإنسان.

رغم حديث تقرير موقع أكسيوس الذي كتبه الصحفي الإسرائيلي باراك ريفيد وهو مراسل صحيفة "واللاه" العبرية أيضا، عن أن عرقلة مصر تنفيذ اتفاق نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، يعرقل تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، إلا أن السبب الفعلي هو حجب أمريكا مساعدات عن مصر ورغبة السيسي في الفصل بين حقوق الإنسان والمعونة.

وكانت واشنطن قد حجبت 130 مليون دولار في سبتمبر 2022 أعقبها 75 مليون دولار في أكتوبر 2022 فيما تمثل المساعدات التي قررت الإدارة الأمريكية تعليقها نحو 10% من 1.3 مليار دولار تخصص للدعم العسكري لمصر سنويا.

ويوم 27 أكتوبر 2022 عقب حجب 10 بالمائة من المعونة العسكرية الأمريكية عن مصر، كتب الدكتور طارق فهمي الذي يعمل في مؤسسات أكاديمية تتبع المخابرات المصرية، على موقع "اندبندانت عربية" السعودي يحذر من أن "التصعيد الأميركي ضد القاهرة سيؤدي إلى توتر يمكن أن يكون مدخلاً لتحركات مصرية مضادة ستزعج واشنطن"، وهو ما يعتقد أنه تمثل في تأخير تسليم تيران وصنافير.

ووفقا للاتفاق، كان من المفترض خروج القوات متعددة الجنسيات من الجزيرتين بحلول يناير 2023 ولكن، بحسب التقرير، بدأت مصر الاعتراض على تفاصيل فنية، مثل تركيب كاميرات في الجزيرتين لمراقبة النشاطات بهما، وحركة مضيق تيران.

وتوسطت إدارة بايدن في محادثات إنهاء نقل جزيرتين في البحر الأحمر من مصر إلى المملكة العربية السعودية في اتفاق تأمل إسرائيل أن يشمل خطوات من جانب الرياض نحو تطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية، بحسب موقع تايمز أوف إسرائيل 24 مايو 2022.

وعلى الرغم من الاحتجاجات الشعبية في مصر، باع السيسي الجزر للسعودية مقابل صفقات مالية سرية ووافق البرلمان المصري الذي شكلته المخابرات في يونيو 2017 والمحكمة الدستورية العليا ، وهي أرفع هيئة قضائية في البلاد في مارس 2018، على صفقة لنقل السيادة على الجزيرتين إلى السعودية.

تقرير أكسيوس أشار إلى أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان بلغ السيسي خلال زيارته لأمريكا ديسمبر 2022 لحضور القمة الأمريكية الإفريقية رغبة إدارة بايدن في تسريع تطبيق اتفاق نقل تبعية تيران وصنافير إلى السعودية، بعد تباطؤ في تسليم الجزيرتين إثر حجب جزء من المساعدات الأميركية العسكرية لمصر.

لكن خلال زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إلى مصر، أكتوبر 2022 أكد له مسئولي السيسي «أنهم لا يرغبون كل عام في الضغط على الكونجرس من أجل حجب المساعدات، مشيرين إلى أن الإدارة الأمريكية تعرف جيدا كيف تتعامل مع الكونجرس عندما تكون الأمور مهمة»، بحسب التقرير.

ويقول الإعلامي حافظ المرازي إن "تأخير تسليم الجزر لا يعني تراجع مصر، لأنها بيعت وتخلت عنهما مصر للسعودية منذ 2018، وكل ما في الأمر هو رغبة إسرائيل في تسريع الإجراءات المصرية لعدم تعطيل التطبيع مع السعودية، ورغبة مصر بالمقابل في الثمن بعدم ربط المعونة بحقوق الإنسان المصري".

https://twitter.com/HafezMirazi/status/1606113155947470848

وقال المعارض أيمن نور تعليقا على الخبر إن "مصر بالنسبة لهم (نظام السيسي) أرضا ومياها لها سعر، ولا عرض ليس له سعر".

https://twitter.com/AymanNour/status/1605957226987982854

 

مصلحة للصهاينة 

وبعد حكم المحكمة الدستورية بقانونية نقل سيادة الجزيرتين إلى السعودية عام 2018، توقفت الصفقة على موافقة إسرائيل، نظرا لأن اتفاقية كامب ديفيد اشترطت بقاء الجزيرتين منزوعتي السلاح، ووجود قوات متعددة الجنسيات.

وقد أعطت إسرائيل موافقتها على نقل الجزيرتين للسعودية، يونيو 2022 لكن لم ينفذ الاتفاق بسبب طلب السعودية خروج القوات متعددة الجنسيات من الجزيرتين، مما أدى إلى اتفاق جديد بين مصر وإسرائيل والسعودية، برعاية الولايات المتحدة.

بموجب هذا الاتفاق، ستسمح إسرائيل للقوة متعددة الجنسيات المتمركزة حاليا في الجزيرتين بالانتقال خارجهما بعدة كيلومترات في الأراضي المصرية، في المقابل، ستسمح المملكة العربية السعودية لشركات الطيران الإسرائيلية باستخدام مجالها الجوي.

وفي تقرير سابق، قالت أكسيوس عن هذا الاتفاق إن "إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، رأت أن تتدخل كي توسع التطبيع وتجذب المملكة للتطبيع مع اسرائيل".

 

السعودية وكامب ديفيد

وعقب نقل السيادة على جزيرتي "تيران" وصنافير" من مصر للسعودية، أصبحت السعودية عضوا في اتفاقية كامب ديفيد حتى ولم يعلن ذلك، بسبب ارتباط تيران باتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، ما سيضطر الرياض للتعامل مع اتفاقية كامب ديفيد وإسرائيل فعليا، برغم أنها لا تقيم علاقات دبلوماسية معها.

وقد أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير "التزام بلاده بكل الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها مصر بشأن الجزيرتين، ومنها اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين القاهرة وتل أبيب".

ويؤكد السياسي المصري "محمد سيف الدولة" أن تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة بينهما، معناه أن تصبح السعودية في هذه الحالة شريكا في الترتيبات الأمنية في اتفاقيات كامب ديفيد مع مصر وإسرائيل الواردة في الملحق الأمني بالمعاهدة.

وذكر الخبير المصري أن "تخضع مصر وفقا لترتيبات الملحق الأمني بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية المشهورة باسم اتفاقيات كامب ديفيد، إلى العديد من القيود العسكرية والأمنية، ومن أهمها وجود قوات أجنبية لا تخضع للأمم المتحدة تحت إدارة أمريكية، في سيناء لمراقبة القوات المصرية ومدى التزامها ببنود المعاهدة، من حيث عدد القوات المصرية وعتادها المسموح بها لمصر وفقا للمعاهدة في المناطق الثلاثة (ا) و (ب) و(ج)".

ويشير "سيف الدولة" إلى تمركز هذه القوات في قاعدتين عسكريتين واحدة في الجورة بشمال سيناء والثانية في شرم الشيخ في الجنوب، بالإضافة إلى جزيرة تيران، لمراقبة حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية، هذا بالإضافة إلى 30 نقطة مراقبة أخرى.

ويضيف "تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، سيجعل السعودية طرفا فعليا في الترتيبات الأمنية المصرية الإسرائيلية الخاضعة لمراقبة الأمريكان وقوات متعددة الجنسية MFO"

ويتابع "وهو ما قد يفتح الباب لتنسيق أمنى وعسكري بين السعودية وإسرائيل، وقد يكون ـ والله أعلم ـ بوابة لإقامة علاقات رسمية بينهما لأول مرة" بحسب قوله، وهو ما نفاه "الجبير" لاحقا.

يذكر أن الجزيرتين جزء من «المنطقة ج»، والمُحددة في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، كمكان لتواجد قوات حفظ السلام الدولي.

وكانت قد تشكل قوة متعددة الجنسيات، برعاية أمريكية ـ مصرية ـ إسرائيلية قوامها حوالي 1900 جندي، من 11 دولة، لضمان التزام كلا الطرفين بالمعاهدة، وبناء عليه، تواجدت القوات الدولية في سيناء، مع فتح نقطة مراقبة دولية تابعة لها في جزيرة تيران، تحت اسم OP 3 -11

وتكمن أهمية جزيرة تيران في تحكمها بمضيق تيران لكونها تطل عليه، إلى جانب منطقة شرم الشيخ في السواحل الشرقية لسيناء، ورأس حميد في السواحل الغربية لتبوك في السعودية، كما أن للجزيرتين أهمية استراتيجية كونهما تتحكمان في حركة الملاحة الدولية من خليج العقبة، حيث تقعان عند مصب الخليج، الأمر الذي يمكنهما من غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة.