رغم قبول دولة الاحتلال الصهيوني بهدنة إنسانية ووقف الأعمال العسكرية لمدة أربعة أيام، ثم تجديد الهدنة لثلاثة أيام إضافية، إلا أن الوقائع والاختراقات التى قام بها الاحتلال في قطاع غزة ومواصلة حملات المداهمات والاعتقالات في الضفة الغربية، بل وتصريحات قادة الصهاينة سواء في الحكومة أو وزارة الدفاع تؤكد أن دولة الاحتلال غير جادة في إنهاء الصراع العسكري، وأن هدفها من الهدنة هو الإفراج عن الأسرى الصهاينة لدى فصائل المقاومة الفلسطينية لتخفيف ضغوط الشارع الإسرائيلي عليها، ثم مواصلة حرب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ترتكبها في غزة بل وفي كل الأراضي الفلسطينية للتخلص من الفلسطينيين وتهجيرهم إلى خارج ديارهم.
في هذا السياق كشف خبراء عسكريون عن سيناريوهات جديدة قد تحدث خلال الأيام القادمة بين إسرائيل وحماس، مؤكدين أن دولة الصهاينة لن تتوقف عن أعمالها الإجرامية وستواصل الضرب والتفجيرات، سواء بعد انتهاء الهدنة الحالية أو عقب الدخول في هدن جديدة.
وأكد الخبراء أن الهدف الرئيسي لإسرائيل هو إعمال الإبادة الجماعية لجميع السكان والفصائل الفلسطينية؛ سواء من المدنيين أو غيرهم.
وقالوا: إن “إسرائيل لن تستطيع القضاء على حماس، لكنها ستحاول التصدي بكل قوة لها لمنع عودتها لما كانت عليه قبل 7 أكتوبر الماضي، مشددين على أن المقاومة سوف تستمر في كل الأحوال، وبالتالي لن تستطيع دولة الاحتلال البقاء في غزة، وسوف تضطر إلى الانسحاب إن عاجلا أو آجلا “.
ضغط الشارع
من جانبه توقع المحلل الإستراتيجىي اللواء سمير فرج امتداد الهدنة بين الطرفين؛ مؤكدا أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يريدان مد الهدنة وهي لصالح جميع الأطراف الإسرائيلية والفلسطينية، وكذلك الجانب الأمريكي .
وأوضح فرج في تصريحات صحفية أنه من المتوقع أن يضطر نتنياهو للقبول باستمرار الهدنة نتيجة ضغط الشارع الإسرائيلي عليه حتى خروج جميع الأسرى والرهائن الإسرائيليين.
وقال: إن “حماس هي الأخرى تريد إعادة ترتيب أوضاعها داخليا واقتصاديا وعسكريا، وكذلك الجانب الأمريكي يضغط في اتجاه مد الهدنة؛ حيث يسعى الرئيس الأمريكي في هذا الاتجاه خاصة بعدما خسر بايدن العديد من مؤيديه وتقلصت شعبيته خلال فترة الحرب بين إسرائيل وحماس”.
وأشار فرج إلى أن هدنة وقف الحرب بين الطرفين، سوف يتم تمديدها طالما هناك أسرى إسرائيليين، مشيدا بالتعامل الإنساني والآدمي لأفراد وكتائب حماس مع الأسرى والرهائن الإسرائيليين، والذي سيمحو الأثر السلبي الذي شاهده العالم والمجتمع الدولي يوم 7 أكتوبر الماضي بخلاف التعامل غير الآدمي للجانب الإسرائيلي مع أسرى حماس.
وكشف أن هناك المزيد من الضغط والتواصل والتنسيق القطري المصري الأمريكي يوميا في سبيل استمرار ومد الهدنة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
3 سيناريوهات
وقال اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق وأستاذ العلوم الإستراتيجية: إنه “رغم التهديد المتواصل والمستمر من جانب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بعدم مد الهدنة واستئناف الحرب وضرب حماس فور انتهاء الهدنة الحالية، إلا أن هناك 3 سيناريوهات قد تحدث خلال الفترة المقبلة؛ موضحا أن السيناريو الأول يتضمن مد المهلة يوما بعد يوم طالما أن هناك رهائن يتم تسليمها “.
وأوضح سالم في تصريحات صحفية أن السيناريو الثاني يشمل استئناف الضرب مرة أخرى، خاصة إذا توصل الجيش الإسرائيلي لمواقع الأنفاق التي تتحصن فيها المقاومة وحصل على أي معلومات أو خرائط حول أماكن إخفاء الرهائن الإسرائيليين، وبالتالي محاولة الجيش الإسرائيلي تحرير هؤلاء.
وأشار إلى أن السيناريو الثالث المتوقع حدوثه هو أنه حال فشل الجيش الإسرائيلي في التعرف على مواقع إخفاء الأسرى والرهائن من الممكن أن يقوم الجيش نفسه بدك وضرب هذه الأنفاق ليتخلص من مساومات كتائب وأفراد حماس ويقوم بعمليات ضرب ودك وتفجيرات شاملة وكبيرة تقضي على المزيد من المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ.
وأوضح سالم أن الهدف الأساسي للجيش الإسرائيلي حاليا هو القضاء على كتائب وأفراد حماس وشل حركتها وإبادتها ومنعها من التحكم في غزة مرة أخرى لتجنب تكرار أحداث وهجمات 7 أكتوبر مرة ثانية، مشيرا إلى أن إسرائيل ستفشل في ذلك ولن تستطيع القضاء على حماس.
حماس
وقال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء سمير راغب: إن “إسرائيل لن تتراجع بأي شكل من الأشكال عن مواصلة الضرب مع التفاوض يوما بيوم حتى الحصول على جميع أسراها ورهائنها “.
وحول تعهد إسرائيل بالقضاء بشكل نهائي على حماس، أكد راغب في تصريحات صحفية أن إسرائيل لن تستطيع القضاء على حماس مهما ارتكبت من جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة .
وأوضح أنه لا يوجد فصيل مقاوم على مر التاريخ يتم القضاء عليه؛ سواء كانت حماس أو غيرها، لكن مع استمرار هذه الحرب سيسقط المزيد من المدنيين أمام مرأى ومسمع من العالم كله؛ حيث سيشمل الضرب جميع مناطق غزة وخارج غزة دون استثناء؛ مشددا على أن هدف إسرائيل الرئيسي هو الإبادة الجماعية للجميع.
وأضاف راغب أن من يمتلك الدبابة هو الذي سيحكم في غزة خلال الفترة المقبلة؛ حيث إن هناك اتفاقا إسرائيليا أمريكيا ألا تحكم حماس في غزة بعد ذلك، وألا يعود الوضع في القطاع كما كان قبل أحداث 7 أكتوبر طوفان الأقصى، مشيرا إلى أن هذا هو التصور الصهيو أمريكي رغم أنه من الصعب تحقيقه على أرض الواقع .