ضريبة التأخير.. مصر تدفع مئات ملايين الدولارات الإضافية لشراء غاز الصيف

- ‎فيتقارير

 

مع استمرار الفشل الحكومي في إدارة ملف الطاقة،  والذي انعكس سلبا على  معاناة المصريين من انقطاعات الكهرباء وتعطل المصانع  وتوقف إنتاج الأسمدة،  اضطر النظام لدفع ملايين الدولارت ، كغرامات تأخير لشركات البترول العالمية.

وتسبب تحرك الحكومة المتأخر للتعامل مع أزمة نقص الطاقة اللازمة للوصول إلى “صفر انقطاع الكهرباء خلال الصيف”، في  تحميل الخزانة العامة للدولة مئات ملايين الدولارات الإضافية، التي ترهق الموازنة المصرية وتزيد العجز المالي للدولة المصرية.

 

ضريبة التأخير

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته الحكومة يوم 25 يونيو 2024، للتعليق على تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء، تعهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بحل الأزمة بحلول الأسبوع الثالث من شهر يوليو 2024 والوصول لـ”صفر انقطاع الكهرباء طوال فترة الصيف.

و في سبيل تحقيق ذلك، تعاقدت الحكومة على شراء 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال للتسليم بين يوليو – سبتمبر 2024، بحسب شركة “S&P Global” المختصة بالمعلومات والتحليلات المالية.

فيما لم تُعلن الحكومة المصرية رسميا عن تفاصيل الصفقة، واكتفت بإعلان أن تكلفة شحنات الغاز والمازوت الضرورية لحل أزمة انقطاع الكهرباء تبلغ 1.18 مليار دولار، حسبما صرح “مدبولي”.

 

بينما كشفت شركة “S&P Global”  أن تكلفة شحنات الغاز التي طلبتها مصر تبلغ في أدنى التقديرات 882 مليون دولار.

 وبلغ سعر المليون وحدة حرارية في أدنى التقديرات 12.27 دولار، مقسمة إلى 10.67 قيمة المليون وحدة حرارية + 1.6 دولار  علاوة التسليم الفوري والتسليم في وقت قصير والدفع الآجل، بحسب موقع “Barchart” المختص بأدوات الاستثمار والأبحاث، و”S&P Global”.

 

فيما أوضح مصدر قريب من الملف أن الحكومة اشترت المليون وحدة حرارية بقيمة 13.4 دولار، تنقسم إلى 12 دولار قيمة المليون وحدة حرارية نفسها، و1 دولار علاوة التسليم الفوري والتسليم في وقت قصير، و40 سنت علاوة الدفع الآجل.

وكانت “S&P” ذكرت أن هناك حوالي 40 سنت لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من التكلفة الإجمالية لـ”صفقة الغاز”، شروط للدفع الممتد لمدة 180 يوما.

يشار إلى أنه  قبل أقل من ثلاثة أشهر، وتحديدا في مطلع أبريل 2024، اشترت مصر شحنتي غاز للتسليم في شهري أبريل ومايو، بسعر 8.3 دولار للمليون وحدة حرارية (8.27 دولار سعر المليون وحدة + 1.5 سنت علاوة)، بحسب موقع “barchart”.

وفي أبريل أيضا، نقلت “S&P” عن مصادر لم تسمها، حاجة مصر إلى شراء 15 إلى 20 شحنة لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي في الصيف، وفي وقت لاحق من نفس الشهر، صرحت مصادر بوزارة الكهرباء للشرق بلومبرج، بحاجة مصر لاستيراد 3 شحنات شهريًا في بين شهري يوليو وأكتوبر.

يذكر أن أسعار الغاز كانت، وقت خروج هذه التقارير منخفضة، وكان هناك العديد من المؤشرات على أن مصر تحتاج إلى استيراد كميات كبيرة من الغاز لتجنب حدوث أزمة خلال فصل الصيف، ورغم ذلك لم تتحرك الحكومة للتعاقد على كافة شحنات الغاز التي تحتاجها، وتأخرت حتى ارتفعت أسعار الغاز وأصبح الحصول المعجل عليه يتطلب دفع علاوات اضافية كبيرة.

وقد أدى هذا إلى تحمل الخزانة العامة للدولة على الأقل 285 مليون دولار إضافية في أدنى التقديرات (13.7 مليار جنيه)، وهو الفارق بين سعر التعاقد على الغاز في مطلع أبريل 2024 والسعر في يونيو الماضي.

 

وبذلك تبلغ قيمة الخسارة، عن طريق تحديد القيمة التقديرية لكم الوحدات الحرارية التي اشترتها مصر، وذلك بقسمة تكلفة الصفقة (882 مليون دولار) على أقل تقدير لسعر المليون وحدة حرارية (12.27 دولار) = 71.88 مليار وحدة حرارية اشترتها مصر، وبضرب ذلك الرقم في قيمة المليون وحدة حرارية في 3 أبريل 2024 (8.3 دولار) = 596.6 مليون دولار.

وبذلك تبلغ قيمة الخسارة، الفارق بين (882 مليون دولار) قيمة الصفقة في يونيو 2024 من (596.6 مليون دولار)  قيمة الصفقة التقديرية في أبريل 2024، لتكون قيمة الخسارة 285 مليون دولار.

ويرى عدد من الخبرء أن أزمة الطاقة كانت متوقعة، وأن سبب تفاقمها هو تجاهل الحكومة للتحذيرات المسبقة.

 وقال الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل د. مدحت نافع، في تصريحات سابقة: إن “أزمة الطاقة الحالية جرى التحذير منها في سبتمبر 2022، من قبل عدد من الخبراء المشاركين في مشروع يموله الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع وزارة الكهرباء لوضع خطة انتقال للطاقة في مصر إلى طاقة متجددة”.

 وأوضح “نافع” أن تقرير الخبراء الذي قُدِم للحكومة، توقع حدوث أزمة في توفر الطاقة بسبب تنامي حجم الاستهلاك في السنوات المقبلة، أي أن الحكومة لم تتفجأ بالأزمة.

بل إن مكاتب الاستشارات العالمية بدأت تحذر عملائها من حدوث أزمة طاقة في مصر منذ فترة،  بل إن إحدى مجموعات الاستثمار العالمية  تراجعت عن إنشاء مصنع أسمدة في مصر عام 2022، بعدما تلقت تحذيرات من الاستشاري الاستراتيجي للمجموعة بأن هناك أزمة طاقة متوقعة قريبا.