على الرغم من عظم تأثيرات عملية اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، فجر الأربعاء، بالعاصمة الإيرانية طهران، ومقدار الاستهانة الإسرائيلية بالموقف المصري والدور المصري، كوسيط وراعي لعملية المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إلا أن الموقف الرسمي للحكومة المصرية، جاء ضعيفا ومخيبا للآمال.
ولم يرق لمستوى الحدث وتأثيراته، بل لم يرض الأوساط السياسية والشعبية القريبة من نظام السيسي نفسه.
وعلقت وزارة الخارجية المصرية، الأربعاء، على ما وصفته بـ”سياسة التصعيد” من الجانب الإسرائيلي خلال اليومين الماضيين، محذرة من مغبة سياسة الاغتيالات وانتهاك سيادة الدول، دون الإشارة إلى عملية الاغتيال أو موقف صارم منها.
ولم يأت في بيان الخارجية المصرية أي ذكر لإسماعيل هنية أو موقع اغتياله، ولا لتفاصيل عملية الاغتيال التي نفذتها إسرائيل في طهران، لكنه حث مجلس الأمن والقوى المؤثرة دوليا الاضطلاع بمسؤوليتهم في وقف هذا التصعيد الخطير في الشرق الأوسط، والحيلولة دون خروج الأوضاع الأمنية في المنطقة عن السيطرة، ووضع حد لسياسة حافة الهاوية.
جاء ذلك في بيان نشرته الخارجية المصرية على صفحتها بمنصة فيسبوك، ورد فيه: “أدانت جمهورية مصر العربية في بيان صادر عن وزارة الخارجية يوم الأربعاء ٣١ يوليو ، سياسة التصعيد الاسرائيلية الخطيرة خلال اليومين الماضيين، واعتبرت مصر أن هذا التصعيد الخطير ينذر بمخاطر إشعال المواجهة في المنطقة بشكل يؤدي إلى عواقب أمنية وخيمة، محذرة من مغبة سياسة الاغتيالات وانتهاك سيادة الدول الأخرى وتأجيج الصراع في المنطقة”.
وأضافت: “طالبت مصر مجلس الأمن والقوى المؤثرة دوليا، بالاضطلاع بمسؤوليتهم في وقف هذا التصعيد الخطير في الشرق الأوسط، والحيلولة دون خروج الأوضاع الأمنية في المنطقة عن السيطرة، ووضع حد لسياسة حافة الهاوية”.
وتابعت: “اعتبرت جمهورية مصر العربية أن تزامن هذا التصعيد الإقليمي، مع عدم تحقيق تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، يزيد من تعقيد الموقف ويؤشر الى غياب الإرادة السياسية الإسرائيلية للتهدئة، ويقوض الجهود المضنية التي تبذلها مصر وشركائها من أجل وقف الحرب في قطاع غزة ووضع حد للمعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني”.
ودون أن يطالب البيان بمحاسبة إسرائيل، على عملية الغدر، سار البيان في اتجاة إمساك العصا من المنتصف، وهو ما لا يقبل في مثل تلك المواقف والظروف شديدة الخطورة، خاصة في ظل اشتعال النيرن على بعد أمتار من حدود مصر، حيث تحتل إسرائيل محور فلادليفيا، بالمخالفة لاتفاق كامب ديفيد، وترتع بدباباتها ومجنزراتها على الحدود المصرية، وتغلق معبر رفح الحدودي.
وعلى عكس وزارة الخارجية، جاء بيان شيخ الأزهر شديدا، مدينا للإجرام الصهيوني، ومطالبا بمحاسبة الفاعلين.
وأكد الأزهر في بيان رسمي، الأربعاء، أن الشهيد المناضل قضى حياته في الذود والدفاع عن أرضه، وعن قضية العرب والمسلمين قضية فلسطين الحرة الصامدة.
كما أكد الأزهر أن مثل هذه الاغتيالات لن تنال من عزيمة الشعب الفلسطيني المناضل، الذي قدم ولا يزال يقدم من تضحيات عظيمة لاستعادة حقوقه في إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.
وتواجه مصر بالعديد من الأوصاف، حول موقفها السلبي والضعيف إزاء إسرائيل، التي تشجعت بهذه المواقف دون المستوى، وكسرت كل الخطوط الحمراء مع مصر، باحتلال محور فلادليفيا، وكسر وانتهاك معاهدة السلام، واحتلال معبر رفح والسيطرة عليه، بل والاعتداء النيراني على الجنود المصريين والمنشآت المصرية، داخل الأراضي المصرية.
ووفق تقديرات الخبراء، فإن إقدام الكيان الصهيوني على اغتيال إسماعيل هنية، استهانة واستخفافا بمصر والتي تعتبر الوسيط الأهم في المفاوضات بين حماس وإسرائيل.
واعتبر العديد من المحللين أن بيان خارجية الانقلاب عن جريمة اغتيال هنية ضعيف ودون المستوى، حيث يرى السفير فرغلي طه بيان وزارة الخارجية، أنه بيان مخز ضعيف ومؤسف، مشيرا إلى أن السبب في ذلك مفهوم.
ووصف الكاتب الصحفي أحمد السيد النجار الرئيس الأسبق لمؤسسة الأهرام، إسرائيل بأنها كيان إرهابي حقير بتاريخه الأسود في الإرهاب والاغتيالات التي تتم بتواطؤ غربي.
يشار إلى أنه بعد الساعات الأولى من اغتيال هنية، تفاقمت في مصر عمليات تراجع الجنيه، وزادت أسعار الذهب والغاز والنفط في الأسواق.
وبلغ سعر الدولار بالبنك المركزي 48.33 جنيها للشراء، بارتفاع ثمانية قروش، و48.48 للبيع، بزيادة 17 قرشا عن أسعار إغلاق التداول على شاشات البنك مساء الثلاثاء، تنافست البنوك الرسمية العامة والخاصة على رفع سعر الدولار مقابل الجنيه، حيث عرضت شراء الدولار عند 48.42 جنيها و48.52 جنيها للبيع بزيادة تبلغ 20 قرشا عن منتصف الأسبوع الجاري.
فيما ارتفع سعر الدولار في السوق الموازية عن الأسعار الرسمية إلى 48.41 جنيها للشراء و49.26 جنيها للبيع، بينما بلغ 48.23 في سوق الذهب، متأثرا بتراجع الطلب على شراء الذهب بنسبة 15%، على مدار الشهر الماضي، رغم بلوغه مستويات تاريخية جديدة أمس، حيث وصل سعر الأونصة إلى 2466 دولارا على شاشات البورصات العالمية، بارتفاع بلغ 0.58%، متأثرا بانتظار قرار الفيدرالي الأميركي، حول سعر الفائدة على الدولار، بالتوازي مع التوترات الجيو سياسية المتوقعة في المنطقة، جراء عملية اغتيال هنية.