إخصاء وتجويع الفقراء للحصول على 826 جنيه من “تكافل ” ضمن تعديلات “الضمان الاجتماعي”

- ‎فيتقارير

وافق مجلس نواب الانقلاب أمس على 22 مادة من مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي المقدم من الحكومة، الذي ينص على “حق كل مواطن تحت خط الفقر القومي ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، في التقدم للحصول على الدعم النقدي.”

 

الشياطين تعربد في التفاصيل

 

وعلى الرغم من ظاهر القانون المشبع بالرحمة، إلا أن باطنه يحمل العذاب، حيث تأتي المقصلة الحكومية في التفاصيل، إذ ينص مشروع القانون الذي وافق المجلس عليه من حيث المبدأ الأحد، وبدأ مناقشة مواده التفصيلية التي تصل إلى 44 مادة، على أن تحدد اللائحة التنفيذية درجات الفقر والإجراءات المتبعة للمراجعة والتحقق والتدقيق في نتائج الاستحقاق للدعم.

وتبين نصوص المشروع استحقاق الدعم النقدي المشروط “تكافل” للأسرة الفقيرة التي لديها أبناء معالون لا يزيد سنهم على 26 سنة أو حتى انتهاء دراستهم الجامعية، بحد أقصى اثنين من الأبناء، أو دون أبناء أيهما أقل عددًا.

ورفض المجلس اقتراحات النواب بزيادة عدد الأبناء وتعديلها إلى ثلاثة.

حدد المشروع حالات إسقاط الاستحقاق، ومنها عدم صرف المستفيد ما استحق من دعم نقدي في ميعاد أقصاه ستة أشهر من تاريخ استحقاقه، فيسقط الحق في هذا الدعم؛ ما لم يقدم عذرًا تقبله الجهة الإدارية.

 

تعقيم قسري للمصريين

 

وبموجب المشروع، يحق للجهة الإدارية اتخاذ التدابير التالية في حالة عدم التزام الأسرة المستفيدة بالشروط المنصوص عليها في القانون، ومنها الالتزام بمتابعة برامج الصحة الأولية للأمهات والحوامل والمرضعات والأطفال أقل من 6 سنوات، كما يشترط أن يكون الأبناء في الفئة العمرية من 6 إلى 18 سنة مقيدين بالمدارس بنسبة حضور لا تقل عن 80% من أيام الحضور كل فصل دراسي.

 

يشترط أيضًا قيد الأبناء ما بين 18 إلى 26 سنة في التعليم الجامعي مع ضرورة النجاح كل عام دراسي، ويجوز الاستثناء في ظروف قهرية يقدرها الوزير المختص وفقًا للائحة التنفيذية.

وضع مشروع القانون إجراءات متدرجة لإنهاء الدعم المشروط تبدأ بخصم نسبة 30% من قيمة الدعم النقدي المشروط “تكافل” في حالة عدم الالتزام للمرة الأولى، ويجوز رد المبلغ المخصوم للأسرة حال التزامها، ثم خصم نسبة 60% في حالة عدم الالتزام للمرة الثانية.

 

ويجوز، وفق القانون، رد نسبة 30% فقط من قيمة المبلغ المخصوم للأسرة حال التزامها. أما في حالة عدم الالتزام للمرة الثالثة، فيخصم نسبة 90%، ويجوز رد نسبة 30% فقط من المبلغ المخصوم للأسرة حال التزامها.

وفي المرة الرابعة التي لا تلتزم فيها الأسرة، يوقف الدعم النقدي المشروط نهائيًا. ويجوز إعادة دراسة الحالة بعد مرور سنة من الإيقاف بناءً على طلب يقدم من الأسرة المستفيدة.

ورفض النواب مقترحات تقدم بها بعض الأعضاء لتعديل مدة مراجعة قيم الدعم النقدي الممنوح للأسر المستحقة بقانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي لتكون عامين، فأبقى مجلس النواب على إعادة النظر في قيمتها كل ثلاثة أعوام وفقًا للنص المقدم من الحكومة.

 وعلقت وزيرة التضامن الاجتماعي مايا مرسي على المقترحات “خط الفقر القومي في أي دولة لا يتغير كل سنة، ولذا فالمدة المنصوص عليها بالقانون كافية لإعطاء الفرصة لتلك الأسر للتعامل مع الوضع الاقتصادي”.

 

وتنص المادة 14 من مشروع القانون على أن يحدد الدعم النقدي الشهري والحدان الأدنى والأقصى له بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص ووزير المالية. وتتم مراجعة قيمة الدعم النقدي الشهري كل ثلاث سنوات بعد صدور نتائج بحث الدخل والإنفاق للسنة التي تسبقها، وفقًا للضوابط والمعايير والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

 

نسب الفقر وهزلية المعاش

 

يشار إلى أن معدل الفقر في مصر ارتفع في عام 2022 إلى 32.5% مقارنة بـ29.7% في العام المالي 2019-2020، وفق آخر إحصائية رسمية أبلغت بها مصر البنك الدولي، ونشرها الأخير في مايو الماضي. فيما قدر البنك الدولي نسبة الفقر بمصر بنحو 60%. تزايدت أعداد الفقراء في الفترة الأخيرة مع تعويم الجنيه ثلاث مرات، مما أدى إلى تآكل قيمته الشرائية بأكثر من 80%. وجاء ذلك وسط سلسلة زيادات متتالية في أسعار الوقود والكهرباء والمياه والغاز والسلع والمواصلات والأدوية، مما فاقم نسب الفقر بين أوساط المصريين، وجعل كثيرًا من الأسر تعتمد على الطعام الرديء وهياكل الدواجن والطعام المستعمل.

 

وعلى الرغم من هذه الأحوال التي باتت مشاهدة يوميًا من خلال صرخات المواطنين المصورة على السوشيال ميديا والإعلام، تبلغ قيمة معاش “تكافل” حاليًا 826 جنيهًا للأسرة المستفيدة. وأطلقت وزارة التضامن الاجتماعي برنامج “تكافل وكرامة” في مارس 2015، للمساعدات النقدية المشروطة، والذي يقدم مساعدات للأسر الفقيرة والأكثر احتياجًا، عن طريق الاستهداف الموضوعي للأسر التي لديها مؤشرات اقتصادية واجتماعية منخفضة تحول دون إشباع احتياجاتها الأساسية وكفالة حقوق أطفالها الصحية والتعليمية.

 

وسجل البرنامج خلال السنوات الماضية حوالي 31 مليون مستفيد في قاعدة بياناته، يوجد به حاليًا 3.11 مليون أسرة ملحقة بالبرنامج، وفق موقع البنك الدولي، أحد الشركاء الممولين للبرنامج.

تأتي شروط القانون الجديدة لتستأصل ملايين المصريين من الدعم الزهيد الذي لا يكاد يكفي يومًا واحدًا، حيث يضع المزيد من العراقيل على أفراد تلك الأسر، تتعلق بالإنجاب أو الزواج أو الدراسة والانتظام بها أو الالتحاق بتعليم جامعي، قد لا تستطيع تلك الأسر الاقتراب منه أساسًا، وهو ما يُعد مقصلة اجتماعية واقتصادية للأسر الفقيرة، التي ستجد نفسها بلا مأوى سوى الشارع أو التسول أو السرقة أو ارتكاب الجرائم!