كتب: سيد توكل
فيما يبدو أن صعود الأمير المدلل أمريكياً محمد بن سلمان على عرش أبيه في السعودية لن يكون مجاناً أو حتى بنصف الثمن، فقد تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو ظهر فيه وزير الخارجية الأمريكي "تيلرسون" يقول مفتخراً بهذا الإنجاز: "فتحنا مكتبا مشتركا في الرياض.. لتنقيح الفكر الوهابي من التطرف وتصحيح المناهج".
وأضاف "تيلرسون": أصبح المنهج الديني تحت مراقبة وإدارة البيت الأبيض، يأتي ذلك بعد سنوات من اتهامات واشنطن لمناهج التعليم السعودية بأنها تحض على العنف والكراهية، فيما يؤكد المسؤولون السعوديون من جانبهم أنهم بالفعل قاموا بعملية إصلاح في المناهج وأن العملية لم تنتهِ بل هي مستمرة.
وبات السؤال الذي يطرحه المراقبون هل تخلت السعودية عن سلطانها الديني في سبيل وصول الأمير للعرش ووقف تلك الاتهامات؟ وهل استغلت واشنطن أحداث الحادي عشر من سبتمبر في تغيير المناهج السعودية؟ والأهم لماذا لا يتم التغيير بالمثل في كتب وفي مناهج إسرائيل إذا كان الحديث هو عن نشر السلام في الشرق الأوسط؟
شيوخ واشنطن قادمون!
وفضح وزير الخارجية الأمريكي "ريكس تيلرسون" المستور بالقول أن من نتائج القمة التي عقدها ترامب مع القيادة السعودية في مايو الماضي، إنشاء مركز لمكافحة الخطاب الإسلامي المتطرف في السعودية وتغيير المناهج واشراف واشنطن على أئمة المساجد في السعودية وتأهيلهم!
جاء ذلك في جلسة مساءلة من قبل لجنة في الكونجرس تنشر "الحرية والعدالة" لجزء من تسجيل مصور لها.
حيث طرح أحد أعضاء اللجنة سؤالاً لوزير الخارجية يقول: "نريد أن نعرف نتائج الاتفاق مع السعودية وما هي آلية مراقبتنا لدعم السعودية المستمر لتصدير الوهابية والإرهاب المصاحب للمناهج الأصولية للإسلام حول العالم" ؟!!
حيث أجاب الوزير "تيلرسون" قائلاً : "أحدى نتائج قمة الرئيس بالرياض كانت إنشاء مركز لمكافحة الخطاب الإسلامي المتطرف في السعودية" .
وأضاف "المركز قائم الان وقد افتتح ونحن هناك وأحد العناصر التي تفقدناها مهم وقد أخذوا خطوات بشأنها، وأعني بذلك السعوديين، هي أن يضعوا كتباً دراسية جديدة تُدرس في المدارس وستحل محل الكتب القديمة والتي تروج للفكر الوهابي المتطرف الذي يبرر العنف".
مضيفاً "لم نطالبهم بنشر الكتب الجديدة وحسب ولكن أيضاً سحب الكتب القديمة".
وأشار "تيلرسون" الى أن المركز المشترك الذي تم إنشاؤه سيعنى بتدريب الشباب بمراكز التعليم الإسلامية ونحن نعمل معهم على انشاء المركز".
الدين مقابل البراءة من الارهاب!
والسؤال الذي يطرحه مراقبون: هل قررت دوائر اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، بالتواطؤ مع طرف خليجي، توريط السعودية أكثر وأكثر في مسألة الإرهاب وتمويله والتحريض عليه، كضمان لاستمرارها في الحملة ضد قطر، ومن بعدها تركيا؟
دايفيد واينبرج، المتخصص في متابعة الإعلام والشأن السعودي بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، مثل أمام إحدى اللجان المختصة بمكافحة الإرهاب المنبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس الأمريكي، في 19 يوليو الماضي، وأطلق هجوما ناريا على المناهج التعليمية في السعودية، مؤكدا أنها تحرض على العنف والإرهاب، وأنها خطر على الأمن القومي الأمريكي، وتحديدا مناهج علوم التوحيد والحديث.
وشملت شهادة "واينبرج" الحديث عن نصوص في الكتب الدراسية توصي بالقتل بالحجارة للزاني أو الزانية المتزوج والجلد 100 جلدة والنفي عام للزنا خارج إطار الزواج، مع اعتبار أن الجنس الشرجي – اللواط- جريمة كالزنا، كما شملت شهادته عقوبة القتل للمرتد والإعدام لأعمال السحر الشيطاني والتي جاءت في كتاب التوحيد بالتعليم الثانوي.
وركز في شهادته أيضا على درس بعنوان "الانتفاضة والتهديد الصهيوني" بالتعليم الثانوي ولعب الانتفاضة الفلسطينية الأولى دورا في هروب مليون يهودي من إسرائيل.
وطالب باستغلال فرصة تقارب المملكة مع إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للضغط من أجل تغيير المناهج الذي وصف محتواها بغير الإنساني.
فتش عن بن زايد
وطلب "واينبرج"، في نهاية شهادته عن المناهج الدراسية في المملكة، وخاصة كتب التوحيد والحديث، بمراجعات سنوية علنية ومفصلة من قبل الولايات المتحدة للمناهج الدراسية الدينية في المملكة لضمان حذف المواد التي تدرس عدم التسامح الديني.
كما طالب بتقييم تشارك فيه الاستخبارات الأمريكية لمعرفة مدى تصدير السعودية للتحريض خارج أراضيها، مع تعيين سفراء أمريكيين لمتابعة الحريات الدينية في الدول المسلمة ومراقبة معاداة السامية، ومطالبة الرياض بإرسال كتب دراسية جديدة معدلة إلى الخارج محل القديمة التي تشمل مواد تحريضية.
ومن المعروف أن هناك علاقة وثيقة، بين مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، التي يتبعها "واينبرج"، والحكومة الإماراتية، وهي علاقات أكبر من مجرد التعاون البروتوكولي، بل تمتد لمستوى الشراكة، وهو الأمر الذي أظهرته تسريبات سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، والذي تواصل مع كبير المستشارين بالمؤسسة، جون هانا، وتفاخر بعلاقة حكومة بلاده بها، لا سيما في التنسيق للانقلاب الفاشل في تركيا، منتصف يوليو 2016.