أحمدي البنهاوي
رغم التقدير الصوري الذي تعطيه سلطة الانقلاب إعلاميا للذكرى الـ35 لتحرير سيناء، بخروج الاحتلال من كل أرض سيناء باستثناء طابا، في 25 أبريل 1982، حسبما ذكرت كتب التاريخ الحكومية، لم تعطه لذكرى الإسراء والمعراج التي تحل اليوم، الموافق 27 رجب، بإجازة مماثلة رغم أنها "موسم" مصري للمسلمين، ليس أقل من شم النسيم للنصارى، حتى إن إجازة الثلاثاء، لن تختلف كثيرا عن 34 إجازة مماثلة لا تخلو من النمطية والتكرار الممل للدراما السنوية، وأغاني الثمانينات؛ "طالعين على أرض الفيروز" لياسمين الخيام، أو أغنية "سينا رجعت تاني لينا" لشادية.
وتأتي ذكرى "التحرير" ومناطق سيناء الثلاث الرئيسية، شمال ووسط وجنوب، تئن تحت حكم العسكر، فسيناء- برأي كثيرين- "ما رجعتش تاني لينا"، وأرض الفيروز هجرها السائحون عدا اليهود، وتحولت إلى أرض للبيع أو أرض للدماء.
هكذا يخير قائد الانقلاب أبناء سيناء، بين التهجير تمهيدا للبيع في صفقة بعنوان "القرن"، أو القتل على غرار تسريب سيناء الأخير، الذي أظهر كتيبة بزي عسكري وأسلحة ميري تقتل 8 مصريين مقيدين ومعصوبي العينين من أبناء سيناء بدم بارد، مع الزعم أنهم قتلوا في تبادل لإطلاق نار، بعد أسابيع قليلة من تصفية 10 من أبناء قبيلة الأيايبة، رغم إخفائهم قسريا لمدد تتراوح بين شهر و6 أشهر.
التطورات الحقوقية
وقبل أيام، نشرت منظمة سيناء لحقوق الإنسان تقريرا، وثقت فيه مقتل ما لا يقل عن 107 مدنيين، وإصابة نحو 111 آخرين، خلال الربع الأول من عام 2017، ووقوع ما لا يقل عن 260 انتهاكا تركز أغلبها في العريش ورفح، بنسبة %76، ثم الشيخ زويد ووسط سيناء بنسبة %18، ثم جنوب سيناء وبئر العبد، من قبل القوات الأمنية بشكل أساسي، وجماعات مسلحة.
يأتى هذا في ظل تزايد حوادث الخطف، حتى لم يعد يعرف الجهة التى تقوم بذلك، وهو ما حدث بتاريخ 2 أبريل، حيث اختفى في ظروف غامضة الشيخ حمدي جودة، 82 عاما، وهو شيخ قبيلة الفواخرية بالعريش، وذلك عقب خروجه من منزله في شارع القاهرة بدائرة قسم شرطة ثان العريش.
أيضا يعاني أهالي المعتقلين من سيناء بسجن المستقبل في الإسماعيلية، من معاملة سيئة لهم، حيث تم منعهم من زيارة ذويهم، مع السماح فقط بدخول بطانية وكيس واحد فقط من الزيارة التى قاموا بها.
"التحرير" الأكذوبة
"هي سيناء اتحررت!" جملة تتكرر كثيرا على لسان المصريين، وحقيقتها كما تلوكها الألسنة ليس السؤال، بل علامة التعجب، فحتى اليوم ومناطق بسيناء غير مسموح للمصريين بدخولها، فعند الدخول إلى نفق الشهيد أحمد حمدي هناك 5 أكمنة ثابتة تسأل الزائر- لاسيما ركاب "الميكروباص" أو "أتوبيس النقل العام"- عن تصريح دخول المدينة، الذي يوقع من الأمن الوطني والمخابرات، بل حتى لا تنتظر السؤال، ويقوم سائق الشاحنة بحمل بطاقات الركاب للضباط الذين يعتلون الشاحنات بكلابهم المجهزة، لفحص الهويات إلكترونيا، كما أن التصريح ليس مفتوحا، بل بمدة محددة، يجدد في كل زيارة من الأجهزة المشار إليها.
أما في الشمال والوسط، فتحدّث عن أكمنة الساعات الطوال من 3 إلى 6 ساعات "انتظار"، علاوة على جسر "السلام" المتوقف فعليا عن العمل، إضافة إلى توقفٍ شبه تام للورش والعيادات، وحرق مزارع الطماطم والخوخ والشهد بخلاف المطاعم، إضافة إلى ما يتعرض له أهل الشمال من اعتقالات وتعذيب وإخفاء لأشهر من بئر العبد وحتى رفح والشيخ زويد.
غياب السيادة
وتغيب مصر، منذ عهد مبارك، عن فرض سيادتها على سيناء، وهي التي استعادها الرئيس مرسي بعد حادث مقتل الجنود في رمضان، ولجوء الفاعلين لإسرائيل، ثم اتهام الإخوان والرئيس مرسي بالمسئولية عن قتلهم، رغم ما صنفه الأعداء قبل الأصدقاء من أنه كان الانقلاب العسكري الأول على شخص الرئيس.
وفي 10 سبتمبر 2013، بعد حبس الرئيس والانقلاب عليه، أشاع العسكر من خلال أذرعهم الإعلامية، أن الإخوان "اتفقوا على التنازل عن رفح والشيخ زويد"، غير أن من أعلن عن ذلك كان محمود عباس أبومازن، الذي لا يملك الدفاع عن نفسه.
صفقة القرن
غير أن ما اتَّهم به نظام السيسي الرئيس مرسي، كشفت الأيام عن أنه حلم صفقة القرن التي أعرب السيسي عن أمله في تحقيقها خلال لقائه ترامب، وهي برأي المراقبين "صفقة الوطن البديل للفلسطينيين، والتي قد تكون بالتنازل عن جزء جديد من الأراضي المصرية في سيناء، والتي مهدها السيسي بإخلائها من أهلها بحجة الإرهاب".
غير أن صفحة "كلنا خالد سعيد- نسخة كل المصريين"- كشفت عن أن صفقة القرن، هي "عار الدهر" الذى سيلاحق كل المصريين مدى العمر، وتعني ضم أراضٍ واسعة من سيناء إلى غزة، وإقامة مطار وميناء دوليين بها. وبناء شبكة طرق تربط الميناء والمطار ومصر بدول آسيا. ومد شبكات مياه وبترول تربط مصر بالعراق ودول الخليج. ومبادلة بعض أراضي سيناء بأراضٍ في صحراء النقب. وحزمة مساعدات دولية ضخمة، ومشروع تحلية مياه البحر لتعويض نقص المياه بمصر.