كتب- سيد توكل:
بحسب الدور المطلوب منه حذر حلمي النمنم، وزير الثقافة في حكومة الانقلاب، من إن مصر مقبلة على أزمة حقيقية، ووصف فصائل المقاومة في حلب بـ"الدواعش"، وزعم أنهم سيخرجون من حلب ويتوجهون إلى بلدهم في مصر وتونس والسعودية، على حد زعمه.
"فزاعة داعش" حاضرة دوماً في إعلام الانقلاب، شماعة يبرر بها جنرال 30 يونيو سبب انقلابه على الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، وهو ما بدا واضحاً في أكاذيب "النمنم" خلال حواره ببرنامج "الحياة اليوم" المذاع عبر فضائية "الحياة"، عندما قال إن عودة الدواعش من حلب إلي مصر يمثل كارثة وأزمة حقيقة علي الدولة، في اشارة واضحة للعيان لما ينتويه عبد الفتاح السيسي من الباء في الحكم إلى الأبد طالما أن اسطوانة داعش باقية وتمدد.
وتساءل صبي الانقلاب: "هل سنكرر تجربة الأفغان العرب؟"، ولعل الإجابة على صبيان السيسي أمثال "النمم" تأتي في سياق أنه " ليس من المستبعد أن يكون مسجلاً على هاتف السيسي الرقم الشخصي لزعماء التنظيم، والعكس أيضاً صحيح، على طريقة "الصديق وقت الضيق"، فتبادل المنافع والخدمات والمجاملات لم ينقطع يوماً، منذ قدّم السيسي أوراق اعتماده للجمهور، من الباب الداعشي الكبير، باعتباره المحارب ضد العنف والإرهاب المحتمل"، كما يقول الكاتب والمحلل السياي وائل قنديل.
"داعش" حالة إلهاء مستمرة
وتروج وسائل إعلام الانقلاب مؤخرًا أخبارا أمنية مقصودة حول ظهور تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميًا باسم "داعش" في مصر، أو القبض على جهاديين عائدين من سورية، بعدما استنفدت محاولات سابقة لجأ فيها نظام السيسي لشعارات الحرب على الإرهاب وغيرها في إلهاء المصريين عن فشله المتواصل.
ولا تتوانى الوسائل الإعلامية التي تسيطر عليها سلطات الانقلاب العسكري، في إقحام "داعش" كفزاعة جديدة في كل مشكلات مصر القائمة،، في محاولات مستميتة لإقناع البسطاء أن "داعش" يطمع في مصر، وأن البلاد معرضة للخطر، وأن بقاء السيسي في سدة الحكم هو صمام الأمان لمنعها من ذلك.
وبرأي خبراء يستثمر نظام السيسي أحداث العنف لكي يبتز العالم لدعمه باعتباره المخلص من الإرهاب، وفي الوقت الذي كان يستثمر فيه حادث الكاتدرائية، جاء بيان داعش بالمسئولية عن التفجير داعمًا للسيسي لكي يهرب به من التقصير والعجز الأمني والسياسي إلى جنة الاتهامات المعلبة للإسلاميين عمومًا و"الإخوان" و"حماس" وكتائب القسام على وجه الخصوص.
السيسي وداعش وجهان لعملة الإجرام
يقول الكاتب والمحلل السياسي وائل قنديل :" برداً وسلاماً، على عبد الفتاح السيسي، نزل إعلان تنطيم داعش مسؤوليته عن جريمة تفجيرر الكنيسة البطرسية في القاهرة، ليدعم روايته التي لا يصدقها إلا هو وأنصاره، فيما يرفضها العقل ومنطق الأشياء، والشهادات الحية، والتحليلات الفنية.
مضيفًا أن: "التسلسل الدرامي لافتٌ ومثيرٌ للدهشة، وتوقيت دخول التنظيم على الخط يجعل المسافة بينه وبين النظام صفرًا، إذ حضر في اللحظة المواتية ليستر الرواية الأمنية، السيسية، ويهبها من روحه، ما يجعل الموقف بعيداً عن استثمار داعشيٍّ للحدث الذي لم يتقدم أحد لتبنيه، وقريباً جداً من فرضية أن الوشائج بين التنظيم والنظام لا تنقطع، فوجود أحدهما مرتبطٌ بالآخر، ناهيك عن التشابه الكبير في الممارسات".
وتؤكد دراسات سياسية حديثة أن سبب ظهور "داعش" في مصر هو جنوح نظام الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي ، الذي تمخض عنن الحراك الثوري العربي، لتبني نهج استقلالي إلى حد كبير عن الهيمنة الأمريكية والتبعية المطلقة لواشنطن على خلاف ما كان سائدا منذ انقلاب 1952.
"داعش" تجلب المعونة
ويؤكد مراقبون أن فرضيات إعلام السيسي بإسقاط داعش للطائرة الروسية في العريش، يفند أكاذيب ذرع عبوة التفجير في مطار أنقرة، كما انهه يعتم على رواية مفادها أن الجانب الصهيوني اخترق الأجواء المِصْرية وقام باستهداف الطائرة ، ونفذ عملية إرهابية في أجواء سيناء، وهو ما يؤكد الصمت العسكري إزاء انتهاك الاحتلال الإسرائيلي.
وقد يبدو واضحًا في أي سياق يأتي حديث السيسي عن قضية الأمن في سيناء، خصوصًا وأنّ "مكافحة داعش" تُستخدم من قبل السيسيي والمؤسسة العسكرية كمبرر رئيسي لاستمرار المعونات الأمريكية السنوية لمصر، بعد توقفها فترةً عقب الانقلاب على الرئيس مرسي، لذا يُفهم ما يبدو كتناقض في حديث السيسي عن الأمن و"داعش" في سيناء خلال لقائه التلفزيوني.
ويبقى تفجير الكاتدرائية عملًا إرهابيًّاً جبانًا ومنحطًّا، لا ينافسه في الوضاعة إلا ما ارتكبه دواعش آخرون، حرقوا سيارة ترحيلات أبو زعبل، وقبلها حرقوا المئات في اعتصامَي رابعة العدوية ونهضة مصر، وهناك كذلك زملاؤهم من دواعش البراميل المتفجرة في سوريا، وحتى مذبحة سقوط حلب الأخيرة.