على الطريقة اللبنانية.. السيسي يسعى لنهب أموال البنوك عبر رفع السرية عن الحسابات

- ‎فيتقارير

وسط أزمات اقتصادية تطحن المصريين وتهدد كافة فئات المجتمع المصري بالإفقار والجوع وفقدان قدراتهم الشرائية مع غلاء كبير في الأسعار، وفجوة تمويلية كبيرة وغير مسبوقة على مستوى الدولة المصرية،  إثر نقص  للدولار الذي أهدره السيسي وحكومته في خرسانات العاصمة الإدارية بلا جدوى وبلا حساب، ومع تأزم الأوضاع المالية وانهيار الجنيه أمام جميع العملات الأجنبية ، فاقدا أكثر من 56% من قيمته حتى الآن.

وسط تلك الأجواء بدأ السيسي العاجز عن حلحلة الأزمات الاقتصادية بالبلاد، باحثا عن أموال المصريين والشعب، عبر وسائل عديدة منطلقاتها المكر السلطوي، سواء عبر التوسع في فرض الضرائب والرسوم المتتالية على الشعب بكل  الفئات، والفاتورة الإلكترونية، والضرائب والخصومات من الرواتب، ومع استمرار العجز وتزايده بدأ السيسي يفتش في جيوب المصريين وحساباتهم، سواء باختراع حسومات مالية من دخلهم ، وصولا إلى التفتيش في الحسابات البنكية التي يحظر القانون الاطلاع عليها أو الكشف عنها.

وعلى الطريقة اللبنانية التي تحظر على أصحاب الأموال سحبها، وهو ما ألجأ العملاء لاستعمال العنف من أجل الحصول على أموالهم ، بدأ نظام السيسي سعيه الخبيث للكشف عن سرية الحسابات البنكية، تحت مسميات جميلة وبراقة من الشفافية والعمل وفق اتفاقات دولية متعلقة بعضوية مصر في منظمات دولية.

ولكن الهدف الأساس هو نهب أموال المصريين وفرض ضرائب وتعقب أموال رجال الأعمال والمستثمرين، ومن ثم ابتزازهم ومساومتهم عليها.

وفي هذا الإطار، تقد مت حكومة السيسي بمشروع قانون للبرلمان الذي تديره المخابرات،  يتيح لها الكشف عن سرية الحسابات البنكية.

وقد أحال رئيس مجلس نواب الانقلاب حنفي جبالي، الأربعاء، مشروعا مقدما من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد رقم 206 لسنة 2020، إلى لجنة مشتركة من لجان الخطة والموازنة والشؤون الاقتصادية والتشريعية في المجلس لمناقشته، وإعداد تقرير بشأنه للعرض على الجلسة العامة في 18 ديسمبر الجاري.

وأضاف مشروع القانون فقرة ثانية إلى نص المادة 78 من القانون، نصها الآتي "ولا تخـلو أحكام المادتين رقمي 140 و142 مـن قـانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020، بالإفصاح عن معلومات لدى البنوك لأغراض تبادل المعلومات، تنفيذا لأحكام الاتفاقيات الضريبية الدولية النافذة في مصر".

 

إطار قانوني للسلطة الضريبية

وقالت حكومة الانقلاب، في المذكرة الإيضاحية للمشروع، إن "مصر انضمت في عام 2016 إلى عضوية المنتـدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات للأغراض الضريبية، الذي تأسس مـن قبـل مجموعة العشرين ومنظمة التعاون الاقتصادي بهدف مكافحة التهرب من الضرائب، وإخفاء المتهربين ثرواتهم وأصولهم المالية، بمـا يهدد إيرادات الدول".

وأضافت أن هذا الانضمام يمثل إطارا قانونيا للسلطات الضريبية للتعاون العابر للحدود، من دون انتهاك لسيادة الدول، أو حقوق دافعي الضرائب.

وأفادت المذكرة بأن العديـد مـن مؤسسات التمويل الدولية المانحة والمقرضة، ومنها بنـك إعادة الإعمار الأوروبي، أصبحت تأخذ في اعتبارهـا التقييـم الصـادر عن المنتـدى كأحد المؤشرات في التعامل مع الدول، ما يؤثر على قدرة الدول على الاقتراض، والحصول على المساعدات الفنية أو المالية، ولذلك أعدت الحكومة المصرية مشروع القانون، حرصا منها على الاستعداد لمراجعة مجموعة القرناء بالمنتدى، واجتياز التقييم، لما يمثله ذلك من أهمية، كونه يدعم ويعزز مكانة الدولة الاقتصادية والسياسية على الساحة الدولية.

ويتضح من المذكرة الحكومية أن السيسي يستهدف الوقوف على حقيقة أموال المصريين ورجال الأعمال وأصحاب الثروات، من أجل استعمال سلطات القمع في التاثير عليهم لحلبهم وتحصيل الجبايات منهم، تحت شعار الشفافية، وهو في نفس الوقت يتبع التعمية والإخفاء عن حقيقة الأوضاع المالية في الدولة ، حيث بح أصوات عدد من النواب مطالبين الحكومة بالكشف عن حقيقة الأوضاع المالية والاقتصادية في الدولة المصرية، دون مجيب.

كما أن تذرع الحكومة بالاتفاقيات الدولية تبدو كخداع للداخل والخارج، إذ أن العالم ومؤسساته المالية والمانحة طالبت السيسي أكثر من مرة إخراج الجيش من المشهد الاقتصادي المصري، وتجلية الأوضاع عن حقيقة أمواله الضخمة التي لا تضاف للميزانية العامة للدولة ، ولا تناقض أو تراجع إلا كرقم واحد في  البرلمان، كما تتصادم الشفافية التي يعلنها السيسي وحكومته في القانون الجديد وتعديلات قانون الضرائب مع مبدأ ترسية المناقصات والمشروعات بالأمر المباشر، الذي أفسد الاقتصاد وأضاع أموال الدولة، وهو ما بدا واضحا خلال كلام السيسي مؤخرا بالإسكندرية، على طريقة "شيلني واشيلك" التي تحدث بها مع كامل الوزير.

 

انتهاك صريح لقانون البنك المركزي

ويأتي مشروع القانون استثناء من أحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري، والذي قضى بسرية جميع بيانات العملاء وحساباتهم وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك، والمعاملات المتعلقة بها، وعدم جواز الاطلاع عليها، أو إعطاء بيانات عنها، بطريق مباشر أو غير مباشر، إلا بإذن كتابي من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة أو الخزينة.

ومع عدم الإخلال بالاستعلامات الواردة في القانون، يسري الحظر المنصوص عليه في المادة على جميع الأشخاص والجهات، بما في ذلك الجهات التي يخولها القانون سلطة الإطلاع أو الحصول على الأوراق أو البيانات المحظور إفشاء سريتها، ويظل هذا الحظر قائما، حتى لو انتهت العلاقة بين العميل والبنك لأي سبب من الأسباب.

ويتخوف مراقبون من إقرار القانون، الذي قد يدفع المستثمرين وأصحاب الأموال من نقل أموالهم بعيدا عن البنوك أو تخزينها في ذهب أو دولارات، ما يفاقم أزمات البلاد المالية ويعظم الفجوة المالية، بصورة أشد وأكبر، أما من يترك أمواله في البنوك عرضة للاستيلاء عليها أو فرض ضرائب عليها، كما سبق أن مهدت لذلك أذرع النظام الإعلامية، وهو ما يضع مصر على طريق لبنان، ورفض البنوك صرف أموال الناس إلا بكميات محددة أو تأميمها أو حتى مصادرتها.