حلم السيسي يتبخر.. اتفاق إسرائيلي قبرصي يوناني لتصدير الغاز إلى أوروبا

- ‎فيتقارير

حين أبرم جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي اتفاق استيراد الغاز من الكيان الصهيوني في 2019م بقيمة 15 مليار دولار لمدة عشر سنوات أدلى بتصريحه الغريب «جبنا جون يا مصريين»؛ واعتبرت الآلة الإعلامية للنظام الاتفاق مع الكيان الصهيوني نصرا مؤزرا لأنه يحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة من خلال استيراد الغاز من “إسرائيل” وتسييله في مصر وتصديره إلى أوروبا. اتضح لاحقا أن “الجول”  المصري كان تسللا  وأن الصهاينة أغرقوا مرمانا بدستة أهداف صحيحة وخرجت مصر من الاتفاق صفر اليدين.  كانت تقديرات نتنياهو للاتفاق أكثر وعيا وإدراكا حين أخبر شعبه بأن يوم الاتفاق على تصدير الغاز إلى مصر هو  يوم عيد لإسرائيل.

الإثنين الماضي (4 سبتمبر 2023م)، قال  نتنياهو إن إسرائيل تقترب من وضع اللمسات النهائية على خطط تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، متوقعًا اتخاذ قرار بشأن طريق النقل خلال ثلاثة إلى ستة أشهر مقبلة. تصريحات نتنياهو جاءت عقب قمة جمعته بنظيره اليوناني، والرئيس القبرصي، في العاصمة القبرصية نيقوسيا، لبحث سُبل إيصال غاز شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا. معنى ذلك أن الصهاينة انتزعوا حلم السيسي  ويعملون جاهدين من أجل تحويل أنفسهم إلى مركز إقليمي للطاقة، بهدف تصدير الغاز إلى أوروبا.

صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» ذكرت أن نيقوسيا ضغطت على تل أبيب للتوصل إلى اتفاق، ونقلت عن نتنياهو قوله إن اليونانيين والقبارصة يفضلون إنشاء خط أنابيب مختصر يضُخ الغاز من إسرائيل إلى محطة تسييل الغاز في قبرص، حيث سيتم شحنه بعد ذلك إلى أوروبا، وهو اقتراح سبق واقترحته قبرص لتسريع وصول الغاز الطبيعي إلى السوق.

التحرك الإسرائيلي يعني تبخر حلم السيسي واقعيا؛ لأن حكومة الانقلاب كانت وقعت العام الماضي “2022”،  اتفاقًا مع قبرص لإنشاء خط أنابيب بحري لنقل الغاز الطبيعي من حقل «أفروديت» القبرصي إلى محطتي الإسالة المصريتين، تمهيدًا لتوريد الغاز المُسال من مصر لليونان. وقال وزير البترول، طارق المُلا، في تصريحات صحفية حينئذٍ إن خط الأنابيب لن يكون جاهزًا للعمل قبل 2025.  وتمتلك مصر محطتين لإسالة الغاز الطبيعي، هما «إدكو» و«دمياط»، وتصل طاقتيهما القصوى إلى 12 مليون طن من الغاز. في حين بدأت إسرائيل ضخ الغاز الطبيعي إلى مصر لأول مرة عام 2020 لتكريره وإعادة تصديره إلى أوروبا، بموجب اتفاق بقيمة 15 مليار دولار مدته 15 سنة.

 

أسباب فشل السيسي

من جانبها ناقشت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية  أسباب فشل تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، تقول الصحفية  كلير باركر: «عندما بدأت الحرب الأوكرانية، وارتفع الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي بشكل كبير، رأت مصر أنها فرصة لا تعوض، ولكن بعد مرور عام ترك نقص الغاز مصر تكافح من أجل الحفاظ على الأنوار مضاءة، وللمرة الأولى شهدت القاهرة انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي». وتعزو أسباب ذلك إلى تضخم عدد السكان وفصول الصيف الأكثر حرارة، ما أدى إلى زيادة الطلب المحلي على الكهرباء في مصر، مما يجهد شبكة الكهرباء التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي في توليد الطاقة الكهربائية.

توقّفت صادرات الغاز، وللمرة الأولى منذ حوالي عقد من الزمن، تشهد القاهرة انقطاعات متكرّرة للتيار الكهربائي، مما أثار الاستياء العام في الوقت الذي يستعد فيه السيسي للترشّح لولاية ثالثة، تتوقف مكيّفات الهواء والمراوح عن العمل لمدة ساعة كل يوم. وتتوقف أيضًا المصاعد عن العمل، وتنقطع الإنترنت، ويضطر سكان الأحياء التي تنقطع عنها الكهرباء ليلاً إلى استعمال المصابيح الأمامية للسيارات المارة للإضاءة. وفي المناطق الريفية خارج العاصمة، تكون انقطاعات التيار أكثر تكرارًا وتستمر لفترة أطول. وأعفِيت المناطق الساحلية في مصر، التي تجتذب السياح الأجانب ونخبة القاهرة خلال أشهر الصيف، من انقطاع التيار الكهربائي المخطط له. وقال مدبولي إن “السياح الأجانب يأتون ويدفعون بالعملة الصعبة، وهو ما يشكل مصدر الدخل الرئيسي للحكومة المصرية. وإذا قطعنا الكهرباء عن المناطق الساحلية، فلن يأتي السياح”. أعفِيت أيضا بعض الضواحي الراقية المبنية حديثًا في العاصمة. ولكن انقطاعات التيار الكهربائي هذه السنة ملحوظة حيث وصلت إلى بعض الأحياء الأكثر تميزًا في القاهرة.

التقرير الذي نشرته الصحيفة في غرة سبتمبر 2023م، يقول إن مصر كانت متحمّسة بشكل كبير في سعيها لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي، ولكنها فشلت في التخطيط لتراجع إنتاج الحقول وتنويع مصادر الطاقة التي تزود شبكتها بالطاقة. وفي حزيران/ يونيو الماضي”2023″، أدركت الحكومة المصرية أن شبكة الكهرباء كانت تحت الضغط، فأوقفت صادرات الغاز. ومع موجة الحر القاسية في تموز/ يوليو، أعلنت عن إجراءات للحفاظ على الطاقة، فيما كشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن البلاد ستستورد المزيد من وقود الديزل لتشغيل محطات توليد الكهرباء.

وحسب التقرير فإن حكومة السيسي صدَّرت 8.5 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال في سنة 2022، مما يجعلها في المركز الثاني عشر بين أكبر المصدرين في العالم، وذلك وفقًا لمؤسسة “ريستاد إنرجي”. وأعلنت السلطات أنه للمرة الأولى، تم تصدير 60 بالمئة من إنتاجها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا. لكن ناقوس الخطر راح يدق حين تراجع الإنتاج في ربيع 2023م  بورود تقارير عن مشاكل في تنقية المياه بحقل غاز ظهر. لكن الحكومة واصلت تصدير الغاز الطبيعي المسال بنفس المعدل. واعترف المسؤولون المصريون بأن نقص الغاز أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي هذا الصيف، لكنهم قللوا من أهمية المشاكل في حقل غاز ظهر. وألقى السيسي باللوم على ارتفاع درجات الحرارة وقال إن نقص الكهرباء كان يمكن أن يكون أسوأ لولا طفرة الغاز في مصر. وقال في  أغسطس إنه “عندما يكون هناك عبء، علينا جميعا أن نساعد بعضنا البعض”.