أختتم اليوم السادس من الهدنة في قطاع غزة، بين الكيان الصهيوني وحركة المقاومة الإسلامية حماس بإطلاق نحو 10 محتجزين لدى كتائب القسام مقابل 30 من الأسرى الفلسطينيين من الحرائر والأطفال، لفتت تقارير إلى أن صفقة التبادل الحالية ليست الأولى التي عقدها الفلسطينيون والإسرائيليون، بل حررت صفقات سابقة، ممتدة على طول تاريخ الصراع بين الجانبين، آلافا من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
صفقات الطائرات
وأولى صفقات تبادل الأسرى تعود إلى نهاية الستينيات من القرن الماضي، إذ كان المشترك بين معظم تلك الصفقات أنها كانت نتاج عمليات اختطاف الطائرات الإسرائيلية، التي دأب على تنفيذها مقاتلو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
حيث اختطف المقاتلان يوسف الرضيع وليلى خالد من الجبهة الشعبية، في يوليو 1968، طائرة تابعة لشركة العال الإسرائيلية كانت متوجهة من روما إلى تل أبيب، وأرغماها على النزول في الجزائر وبداخلها أكثر من 100 راكب.
وفاوضت “الجبهة” الاحتلال بنجاح لإطلاق سراح 37 أسيرا فلسطينيا من ذوي المحكوميات العالية.
واختطفت مجموعة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مجددا بقيادة ليلى خالد، في نهاية 1969م، طائرة إسرائيلية أخرى وحطَّت بها في بريطانيا، لكن العملية لم تنجح.
وقتل المقاوم باتريك أورغويلو واعتُقلت ليلى خالد، لكن سرعان ما اختطفت مجموعة أخرى من نفس التنظيم طائرة بريطانية، وجرى إطلاق سراح ليلى خالد على أثرها.
صفقة شموئيل فايز
وأسر مقاتلون من حركة فتح الجندي الإسرائيلي شيموئيل روزلفاستر، بأواخر 1969م، بعملية سابقة في نوعها بتاريخ الحركة، وهو ما مكَّنها من التفاوض لإطلاق الأسير محمود بكر حجازي، الذي كان قد أُسر عام 1965وحُكم عليه بالإعدام.
وفي 28 يناير 1971م، جرى تحرير حجازي في عملية تبادل أسير مقابل أسير بين حركة فتح وسلطات الاحتلال، وجرت العملية في رأس الناقورة برعاية الصليب الأحمر، وكتبت الصحافة الإسرائيلية وقتها أن إسرائيل رضخت واعترفت ضمنيا بمنظمة التحرير الفلسطينية.
عملية النورس
وأطلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعملية جديدة في 5 أبريل 1978م، بأسر الجندي الإسرائيلي أبراهام عمرام، في كمين أحكمه مقاتلوها حول شاحنة جنود إسرائيلية قرب مدينة صور اللبنانية.
وبعدها بنحو عام تقريبا، نجحت المنظمة المقاومة في التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى، وجرت العملية، التي أطلق عليها اسم “عملية النورس”، في يوم 15 مارس 1979م، وأطلق بموجبها سراح 76 معتقلا فلسطينيا ممن كانوا في سجون الاحتلال من فصائل المقاومة كافة، منهم 12 فتاة فلسطينية.
اتفاقية أحمد جبريل
وتعد اتفاقية جبريل أو عملية الجليل، في 12 مايو 1985م، من أكبر صفقات تبادل الأسرى بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحكومة الاحتلال بقيادة شمعون بيريز وسُميت هذه العملية باسم المقاوم والقائد العسكري الفلسطيني أحمد جبريل، الذي يعد من مؤسسي الجبهة الشعبية.
وخلال هذه العملية، أفرج الاحتلال عن نحو 1150 أسيرا فلسطينيا لديه، مقابل إطلاق سراح ثلاثة من جنوده، هم يوسف غروف ونسيم سالم وهيزي شاي، الذين أسرتهم المقاومة خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
وكان من بين أبرز الأسرى الذين أُطلق سراحهم في هذه العملية، الشيخ أحمد ياسين، الذي سيتولى في ما بعد تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس، في غزة عام 1989م.
صفقة فيديو شاليط
وفي مطلع أكتوبر 2009 أنجزت كتائب القسام “صفقة الحرائر” ، التي أفرجت بموجها سلطات الاحتلال عن 20 أسيرة، مقابل شريط مصور عن الجندي الأسير لدى المقاومة وقتها جلعاد شاليط.
وأفرجت سلطات الاحتلال عن تسع عشرة أسيرة فلسطينية من الضفة الغربية وواحدة وابنها من قطاع غزة بعد التأكد من صحة الشريط المصور.
وكانت صفقة الحرائر أولى نتائج صمود المقاومة الفلسطينية في قضية شاليط، ورفضها تقديم أي معلومة عن الجندي الأسير دون ثمن.
وأربك شريط الفيديو المؤسسة الأمنية للاحتلال، وأحدث ضجة عالية ومفاجأة في الداخل الإسرائيلي، وأظهر تفوقا أمنيا واستخباراتيا، ونجاحا إعلاميا للمقاومة الفلسطينية التي أدارت الملف بحكمة واقتدار ومسؤولية وطنية عالية.
وفاء الأحرار
وبعد سلسلة مفاوضات مضنية، تم التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى “صفقة وفاء الأحرار” في 18 أكتوبر 2011م، وأرغم الاحتلال مجددا للإفراج بموجبها عن ألف و27 أسيرا على مرحلتين مقابل الإفراج عن الجندي “جلعاد شاليط”.
وتضمنت صفقة التبادل، التي أُطلق عليها اسم “صفقة وفاء الأحرار”، الإفراج عن 450 معتقلا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد، وتحرير جميع النساء الفلسطينيات الأسيرات في السجون الصهيونية، بالإضافة إلى جميع المعتقلين من كبار السن وجميع المعتقلين المرضى، وأيضا 45 معتقلا من القدس و6 معتقلين من فلسطينيي الداخل.
صفقة وفاء الأحرار التي نفذت في 2011، تعود جذورها إلى 2006م، حينما هاجم مقاتلون من حماس مواقع لجيش الاحتلال على الحدود الشرقية لمدينة رفح، وتمكنت من خلالها الحركة من قتل جنديين إسرائيليين وجرح خمسة وأسر الجندي جلعاد شاليط، في ما سُميت بعملية “الوهم المتبدد”.
واحتفظت حماس بشاليط إلى حدود عام 2011، إذ توصلت من خلال مفاوضات إلى صفقة تبادل أسرى، جرى بموجبها تحرير نحو ألف أسير و30 أسيرة فلسطينية، وفي 18 أكتوبر 2011، أطلق سراح جلعاد شاليط وجرى تسليمه إلى السلطات المصرية.
صفقة طوفان الأقصى
وأعلنت حركة حماس في 21 نوفمبر 2023، التوصل إلى اتفاق على هدنة إنسانية في قطاع غزة تستمر لمدة 4 أيام قابلة للتمديد، وسيتم الإعلان عن توقيت بدئها خلال الـ24 ساعة المقبلة.
وحسب حركة حماس يشمل الاتفاق تبادل 50 من الأسرى من النساء المدنيات والأطفال في قطاع غزة في المرحلة الأولى، مقابل إطلاق سراح عدد الأسرى من النساء والأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال، إلى جانب ما ستسمح الهدنة بدخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية، بما فيها الوقود المخصص للاحتياجات الإنسانية.
ويزخر سجل كتائب القسام بأكثر من 25 عملية ومحاولة أسر، تكلل بعضها بالنجاح والاحتفاظ بالجنود، فيما حالت الأقدار دون نجاح عدد آخر منها، والتي انتهت بالاشتباك مع جنود الاحتلال وقتل الجنود المأسورين.
واحتفظت كتائب القسام بـ4 أسرى إسرائيليين لديها في قطاع غزة منذ سنوات، مؤكدة أنه لا معلومات دون أثمان عنهم.
ولطالما أكدت حركة حماس وجناحها العسكري “كتائب القسام” أن ملف الأسرى يحظى بأهمية خاصة لديها، وأنها الوفية لهم والتي تعمل لحريتهم، وستظل قابضة على البندقية حتى تنعم فلسطين والقدس والأقصى بالحرية.