بعد غياب ممتد للسيسي عن المشهد السياسي المصري، وسط شكوك عديدة ومتنوعة بين مرضه وبين توصيات مخابراتيه له بتقليل ظهوره على الساحة السياسية والإعلامية، بسبب تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، خرج السيسي بقرار مفاجئ وغير متوقع، بتفويض السيسي لرئيس وزرائه مصطفى مدبولي، في 7 صلاحيات رئاسية، وهو ما أثار الكثير من الشكوك والتكهنات.
فيما أجمع الكثير من المراقين والمحللين، على أن القرار الذي نشرته الجريدة الرسمية أمس الاول، بتفويض السيسي لرئيس وزرائه في عدة صلاحيات من صلاحياته، كمحاولة لتحميل مدبولي مسئولية جرائم السيسي من فشل اقتصادي أو بيع الأصول والأراضي المصرية، وتسهيل مهام الاستيلاء على أراضي وأملاك مؤسسة الأزهر الشريف، التي يرفض شيخ الأزهر أحمد الطيب إهدارها، كما يريد السيسي.
ويرى خبراء سياسيون، أن قرارات تقليل صلاحية السيسي، قد تكون مسعى منه لتحميل مدبولي، مسؤولية الإخفاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتتالية، وكذلك مسؤولية عمليات البيع والتفريط في أصول وممتلكات الدولة، وأيضا عجز الرواتب والمعاشات، عن توفير حياة كريمة للمصريين، خاصة في ظل الغضب الشعبي المتفاقم.
غسل يد السييسي
ووفق تقديرات استراتيجية، فإن السيسي يهدف إلى غسل يديه من أخطاء وكوارث الحكومة، وأنه يأتي في هذا التوقيت حتى لو قامت ثورة ضد السيسي، فسيكون مدبولي هو كبش الفداء، الذي يتحمل الحساب وفاتورة كل الجرائم.
كما أشار البعض إلى أن بعض بنود تلك التنازلات مثيرة للمخاوف، وخاصة حول الأزهر الشريف، وجملة التصرف في أملاك الدولة، مشيرين إلى أن أملاك الدولة هي ملك الشعب، متسائلين: “هل يملك رئيس الدولة دستوريا سلطة التصرف في أملاكها، حتى يفوض هذه السلطة لرئيس الوزارة؟، وأين القسم أن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه”.
وألمحوا إلى أنها سياسة ذكية من السيسي، للهروب من المسؤولية، وخاصة بملف بيع الأصول والأراضي البديل الوحيد لسداد خدمة الديون الخارجية”، مؤكدين أن “مدبولي، لا يجرؤ على بيع شبر دون الرجوع للسيسي”، ومشيرين لاحتمال أن يكون السيسي، قد قرر التفرغ لأمر ما، وأن الأمر جد خطير، ولذا فإن البعض طالب السيسي، بالإعلان عن سبب هذا التفويض.
وقال بعض المتابعين: إن “الصلاحيات الحقيقية لن تكون في يد أحد غير السيسي، مشيرين إلى أنه يُحمل مدبولي المسؤولية القانونية الكاملة عن بيع الأصول، والاستيلاء على أموال ومقدرات الشعب، وكل الفساد القادم، ويصبح الجيش وباقي رموز الدولة خارج الصورة تماما، فيما يكون مدبولي ومجموعة المدنيين في الواجهة وفي مواجهة الشعب وغضبه”.
يشار إلى أنه منذ 2013، يتوغل السيسي في الإمساك بتلابيب كل شيء بمصر، والسيطرة والاستحواذ على أصغر الصلاحيات قبل أكبرها.
وهو التوجه الذي عززه بالتعديل الدستوري المثير للجدل، في أبريل 2019، ليزيد من صلاحياته وسلطاته على قطاعات الدولة بجانب مدده الرئاسية، ما جعل التفويض يبدو مثيرا للغاية.
وقرار السيسي، تفويض مصطفى مدبولي ، في مباشرة 7 من اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القوانين واللوائح.
وجاءت تفويضات السيسي السبعة لمدبولي، كالتالي:
أولا: في مجال التصرف بالمجان في أملاك الدولة من العقارات المملوكة للدولة والنزول عن أموالها المنقولة، وحماية الآثار ونزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
ثانيا: في مجال منح المعاشات والمكافآت الاستثنائية وتقرير إعانات أو قروض أو تعويض عن الخسائر في النفس والمال نتيجة للأعمال الحربية.
ثالثا: في مجال العاملين بالدولة، فيما يخص قانون “الخدمة المدنية”، وما يخص تعيين وظائف المستويين الممتازة والعالية برئاسة الجمهورية ووزارة الإنتاج الحربي والوظائف القيادية والإدارة الإشرافية بمجلس الوزراء.
وكذلك تشكيل وإعادة تشكيل مجالس إدارة الهيئات العامة، والأجهزة، ومراكز البحوث، والأكاديميات، والمجالس العليا، والاتحادات، وتعيين رؤسائها، وأعضائها، وشاغلي الوظائف العليا بها.
وأيضا تنظيم العمل لدى هيئات أجنبية بالنسبة لوظائف معينة، وذلك فيما يتعلق بمن هم في درجة وزير ونائب وزير، وتعيين ممثلي مصر بمجلس محافظي صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، والإسلامي للتنمية، والتنمية الأفريقي، وغيرها من المؤسسات والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية وذلك إلى جانب اختصاصات إعارة أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وهيئة المفوضين بها، ورجال القضاء والنيابة العامة، وأعضاء مجلس الدولة، وهيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية.
رابعا: في مجال الهيئات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته وشركات قطاع الأعمال العام، وبينها هيئة قناة السويس فيما عدا تعيين رئيس مجلس إدارة الهيئة، وهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء.
خامسا: في مجال الأزهر ومجمع اللغة العربية والجامعات، ومنها ما يخص قانون (103 لسنة 1961) بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها وذلك فيما عدا تعيين شيخ الأزهر، وقانون تنظيم الجامعات فيما عدا تعيين رؤساء الجامعات ونوابهم، وعمداء الكليات والمعاهد، وقانون إعادة تنظيم مجمع اللغة العربية.
سادسا: في مجال المرافق العامة والجمعيات ذات النفع العام والإدارة المحلية وحالة الطوارئ.
سابعا: في مجال تأشيرات الموازنة، وتشمل الاختصاصات المخولة لرئيس الجمهورية في التأشيرات المرفقة بقوانين ربط الموازنة العامة للدولة، وكذلك التأشيرات الخاصة الواردة في موازنة بعض الجهات.
ونصت المادة الثالثة من القرار على أن يكون مصطفى مدبولي هو الوزير المختص بتطبيق أحكام القانون (10 لسنة 2009) بشأن تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، وله أن يفوض في بعض اختصاصاته في هذا الشأن،
وتواجه السلطة العسكرية للسيسي اخفاقات عدة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وسط أزمات مجتمعية طاحنة ، تهدد باندلاع ثورة عارمة بالمجتمع المصري، الذي يقف على أعتاب مجاعة فعلية ونقص حاد بالأدوية ومستلزمات الحياة، وهو ما ترصده أجهزة السيسي المخابراتية، وهو ما يثير الشكوك حول تلك التنازلات التي أقدم عليها السيسي، إلا أن الأيام المقبلة ستظل حبلى بالتكهنات والتطورات ، سواء على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في ظل سياسات راسمالية متوخشة يدعو إليها صندوق النقد الدولي من أجل الموافقة على تمويل السيسي، مقابل رفع أسعار الوقود والكهرباء والأدوية وتقليص الدعم وإلغائه، قبل نهاية الشهر الجاري، وهو ما يهدد بانتفاضة مصرية ، قد تطيح النظام العسكري.