بسبب غياب الرقابة..المياه المعدنية مغشوشة ومصانع “بير السلم” تتحكم في السوق

- ‎فيتقارير

 

 

مع تجاهل حكومة الانقلاب لدورها في الحفاظ على الصحة العامة للمصريين، انتشرت المياه المعدنية المغشوشة التي تنتجها مصانع “بير السلم”، ورغم أن المياه المعدنية مصدرها سيوة، والتي تجلب من آبار جوفية عميقة يزيد عمقها على ألف متر وتسحب من خزان جوفي عميق بعيد من مصادر التلوث، إلا أن هناك عبوات مقلدة وعينات تحوي شوائب وفطريات، ومصانع غير مرخصة، وذلك بسبب غياب آليات الرقابة لمنع السلع المغشوشة من الوصول إلى الأسواق. 

ويؤكد الخبراء أن الكثير من المياه المعدنية في مصر ليست كذلك، وهي عبارة عن مياه معبأة، وغالبيتها إما جوفية، وإما مصدرها صنابير عادية تغلى، ثم تبرد وتضاف إليها مكملات غذائية وتحتاج إلى اشتراطات صحية في التخزين والحفظ.

وقال الخبراء: إن “بعض هذه المصانع، لا تلتزم بالمعايير المطلوبة في الإنتاج، مشددين على ضرورة وجود رقابة صارمة من جانب حكومة الانقلاب”. 

كان قد تم ضبط مصنع في مطروح يعمل بدون ترخيص، ويقوم بإعادة استخدام زجاجات المياه المعدنية الفارغة وتعبئتها بالماء لبيعها مجددا، وكشف تقرير مديرية صحة الانقلاب بالمحافظة أن المياه المستخدمة غير صالحة للشرب لوجود فطريات وشوائب. 

وقبل عامين عُثر بداخل مصنع بالمرج غير مرخص على 13 ألف زجاجة مياه معدنية بأحجام مختلفة، جميعها مجهولة المصدر ومن دون مستندات تدل على مصدرها و2000 زجاجة فارغة معدة للتعبئة وكميات كبيرة من الملصقات. 

وكشفت حملة استهدفت شركات المياه المعبأة بشرم الشيخ في مايو الماضي عن ضبط 3670 جالون مياه، بوزن 70 طنا بإحدى شركات المياه بالمدينة لمخالفتها للمواصفات، إذ تقوم هذه المحطات بتقليد عبوات لشركات كبرى لتعبئة مياه الشرب الطبيعية.

 

علامات تجارية

 

حول هذه الظاهرة قال المتخصص الدولي في شؤون المياه أحمد فوزي دياب: إن “حيل الغش الشائعة في المياه متعددة، ومنها استخدام أسماء علامات تجارية شهيرة ووضع ملصقات مقلدة، وهو ما يتطابق مع البيانات الرسمية الصادرة عن حملات مكثفة سابقة على الأسواق”.

وحمّل دياب في تصريحات صحفية وزارة صحة الانقلاب مسئولية انتشار هذه المياه المغشوشة، بسبب عدم قيامها بدورها في عملية الرقابة على مثل هذه الممارسات. 

ودعا إلى شن حملة من قبل وزارة صحة الانقلاب وجهاز الطب الوقائي لمواجهة الغش في المياه المعبأة، مؤكدا أن هذه العمليات تمثل جريمة وتحتاج إلى رقابة أكثر وتشديد القوانين.

وقال: إن “المياه الجوفية المستخدمة في التعبئة، توجد غالبا في سيوة، وهي غنية بالحديد والمنجنيز، ويتم التخلص من هذه المواد، وإضافة مكملات غذائية لتكون صالحة للشرب”.  

وأوضح دياب أن المياه المعدنية علميا هي التي تخرج من باطن الأرض، وتكون مرتبطة بسلاسل جبال وتحوي معادن مهمة، وموجودة في شرق أوروبا وبعض الأماكن في أمريكا الجنوبية . 

وأكد أن أنقى أنواع المياه المعبأة المصرية مصدرها سيوة، لأنها في بيئات معزولة ليس بها تلوث، موضحا أن الآبار التي تنتج مياها في سيوة لأغراض الشرب هي آبار جوفية عميقة يزيد عمقها على ألف متر، وتسحب من خزان جوفي عميق بعيد من مصادر التلوث. 

وأرجع دياب عمليات الغش إلى البحث عن المكسب السريع، واللجوء إلى استخدام مياه الصنابير وملصقات مقلدة، وتصل كلفة العبوة المغشوشة إلى جنيه واحد وتباع بنحو خمسة جنيهات، مما يشجع على الفساد. 

 

فشل كبدي وكلوي

حول تأثير المياه المغشوشة على الصحة العامة أكد الدكتور محمود عمرو مؤسس المركز القومي للسموم أن التأثيرات السلبية تشمل احتمالية الإصابة بفشل كبدي أو كلوي، مشيرا إلى أنه أجرى تحليلا لعينات من مياه معدنية مجهولة المصدر أظهرت تلوثا بكتيريا.

وطالب عمرو في تصريحات صحفية وزارة صحة الانقلاب، بإصدار بيانات شهرية في شأن مياه الشرب وسحب عينات دورية مقترحا تخصيص هيئة لسلامة الغذاء والماء للتصدي لمثل تلك الممارسات.

وقال : “يجب تفعيل الرقابة في ظل وجود تلوث بكتيري من اختلاط مياه الآبار الملوثة بالصرف الصحي، مشددا على ضرورة وجود نظام تتبع لرصد الانتهاكات في السوق، وتفعيل القوانين وتشديدها لمكافحة عمليات الغش”. 

 

قاعدة بيانات

وطالب سامح صقر رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة ري الانقلاب سابقا، بضرورة الالتزام بحفر الآبار المستخدمة في تعبئة المياه وفق ضمانات، منها استدامة المخزون الجوفي، وألا تكون البئر في نطاق مصادر تلوث معروفة. 

وقال صقر في تصريحات صحفية: إن “دور الوزارات المعنية مثل الصحة والتموين، وضع قاعدة بيانات تشمل معلومات حول عدد زجاجات المياه المعبأة من الشركات الحاصلة على تراخيص والكمية التي تصل إلى السوق ونسبة المبيعات، موضحا أن المشكلة تكمن في عدم وجود نظام تتبع لرصد الانتهاكات التي تحدث في هذه السوق”. 

وأكد أن الأصناف المغشوشة لا يمكن السيطرة عليها إلا عبر تفعيل القوانين وتشديدها، مشيرا إلى أن من ضمن المعايير المعمول بها في شأن المياه الجوفية المستخدمة بغرض التعبئة عدم وجود مصادر تلوث في فضاء 50 مترا، في حين يمكن أن يكون هناك مصدر للتلوث على مسافات أبعد من ذلك تؤثر في جودة المياه، وأعرب صقر عن استيائه من انتشار مصانع مياه معبأة تحت السلم مجهولة المصدر تحمل أسماء وهمية. 

 

إجراءات صارمة

 

في المقابل قال المتخصص في مجال المياه أحمد نور عبدالمنعم: إن “90 في المئة من المياه التي تباع في الأسواق المصرية نقية وتراعي المواصفات القياسية”.

وطالب عبدالمنعم في تصريحات صحفية بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد الأماكن غير المرخصة، موضحا أنه بمجرد أن تصل المياه إلى السوق تصبح سلعة تموينية تقع مسؤولية الرقابة عليها على عاتق وزارتي التموين والداخلية بحكومة الانقلاب، لكن عند الإنتاج تكون المسؤولية على عاتق وزارة صحة الانقلاب.