إغراق الجنيه وزيادة الفقر وبيع الأصول حصاد 20 شهرا من برنامج صندوق النقد لتعويم السيسي

- ‎فيتقارير

 

 

 

رصدت “المبادرة المصرية لحقوق الإنسان” في تقرير لها حمل عنوان “عين على الدين” ما نفذته حكومة الانقلاب خلال 20 شهرا من الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي لمصر، من أجل حصولها على قرض الـ 8 مليارات دولار.

 

وكان  صندوق النقد الدولي قد أدخل تعديلا على البرنامج في مارس 2024 ليرفع قيمة القرض من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار، بالإضافة إلى مبلغ يتراوح بين 1 و 2.1 مليار دولار، يمكن لحكومة الانقلاب اقتراضه من صندوق الاستدامة البيئية الجديد التابع للصندوق.

 

وأعلن المجلس التنفيذي للصندوق موافقته رسميا على صرف الشريحة الثالثة من القرض بقيمة 820 مليون دولار لحكومة الانقلاب، في 29 يوليو الماضي.

 

وكانت حكومة الانقلاب حصلت على الشريحة الأولى والثانية المؤجلتين من مارس وسبتمبر 2023 في أبريل الماضي بعد انتهاء المراجعة على برنامج الإصلاح الاقتصادي.

 

وفي سبتمبر المقبل يحين موعد المراجعة الرابعة على ما يعرف “برنامج الإصلاح الاقتصادي” لصرف شريحة بقيمة 1.27 مليار دولار من قرض مصر.

 

ونفى التقرير ما وصفه بادعاءات تعتبر قروض صندوق النقد ميسرة فائدتها منخفضة، وأكد أن فائدة القرض تتراوح بين 8 و10 %.

 

وكشف التقرير، أن البرنامج الذي اتفق عليه في نهاية 2022 يتبع ما يسمى بـ “تسهيل التمويل الممتد” وهو نوع من التمويل يركز فيه الصندوق على تقديم التمويل للبلدان التي تعاني من مشكلات مزمنة في ميزان المدفوعات، وعادة ما ترتبط مشروطية تلك البرامج بتنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد من أجل معالجة تلك المشكلات المزمنة.

 

ونوه التقرير، يتسم هذا النوع من البرامج بمشروطية مرتفعة، إذ يتوقف صرف شرائح القرض، شريحة بشريحة، على تحقيق عدد من الشروط المنصوص عليها في الاتفاق الأساسي.

 

وأوضح أن القروض التابعة لبرنامج تسهيل التمويل الممتد، تمتد في العادة ما بين ثلاث إلى أربع سنوات، ويتضمن جدول السداد رد تلك المبالغ على فترات تمتد من أربع سنوات ونصف إلى عشر سنوات بفوائد متغيرة، يعاد تقييمها كل ثلاثة أشهر على حسب سعر الفائدة السائد على العملات الرئيسية خاصة الدولار، من أجل تقدير سعر الفائدة على وحدات السحب التي تعد بمثابة عملة صندوق النقد الدولي.

 

وأضاف: الفائدة متغيرة، ما يجعلها عرضة لتقلبات أسعار الفائدة العالمية، التي ارتفعت بشكل ملحوظ في السنة الأخيرة، وسجلت الفائدة على وحدات السحب الخاصة بالصندوق ما يقارب 4.01 %، بالإضافة لما يسمى بهامش الربح لدى الصندوق والمقدر بـ 100 نقطة أساس أي 1 % أخرى، كما تتضمن مدفوعات فوائد الصندوق، فوائد إضافية تُطبق إذا تخطت القروض من الصندوق ما نسبته 187.5 % من الحصة النسبية المتاحة للبلد.

 

وزاد التقرير، أنه خلال السنوات الأخيرة، غالبا ما كانت مصر تتخطى تلك الحصة النسبية والمقدرة بـ 2.037 مليار وحدة سحب خاصة، أي ما يوازي 2.67 مليار دولار، بالتالي تدفع مصر تكاليف فائدة إضافية على قروض الصندوق توازي 2 %.

 

قروض غير رخيصة

 

وجاء في التقرير، أنه لم تعد قروض صندوق النقد رخيصة كما كانت في السابق، في 2018 و2019، كانت وزارة المالية تتوسع في الاقتراض من السوق الخارجي، بسبب أسعار الفائدة المنخفضة، لكن تشدد البيئة الكلية لأسعار الفائدة، بما فيها قروض الصندوق، يحتم في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى التفكير في كيفية إيقاف ماكينة الاقتراض الخارجي.

 

مرونة سعر الصرف

 

وذكر التقرير، أنه كيف ارتكزت مشروطية الصندوق المتعلقة بالبرنامج منذ الموافقة عليه في ديسمبر 2022 على مرونة سعر الصرف، أو بمعنى أوضح، تخفيض الجنيه، وكيف قامت الحكومة المصرية بتخفيض قيمة العملة بشكل متكرر.

 

ورصد التقرير كيف أجرت الحكومة 4 تخفيضات للعملة، ثلاثة منها في 2022، هابطة بسعر الجنيه مما يقارب 16 جنيها مقابل الدولار في يناير 2022 إلى نحو 31 جنيها في يناير 2023، بعد إقرار البرنامج مباشرة.

 

ونوه، إلى أنه على الرغم من التخفيض الكبير للعملة، لم ير الصندوق ذلك كافيا، لذلك وعلى مدار عام 2023، تأخر الصندوق في إجراء مراجعتين مقررتين في كل من مارس وسبتمبر من ذلك العام، ولم يصرف غير الشريحة الأولي من القرض الأصلي المقدر وقتها بثلاثة مليارات دولار.

 

وتابع التقرير: توقع الصندوق أن تجمع مصر ما قيمته 14 مليار دولار أخرى خلال فترة القرض من الشركاء الإقليميين، وتحديدا من الخليج، من حصيلة بيع الأصول الحكومية، بالإضافة لتمويلات من المؤسسات الدولية، لكن تلك التمويلات لم تكن لتأتي بالشكل السريع المطلوب في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي ضعفت قدرة الحكومة على إجراء تخفيضات أخرى في سعر الصرف لغياب المبالغ التي من شأنها تغطية الفجوة التمويلية، التي زادت من 17 مليار دولار وقت الاتفاق إلى 28.5 مليار دولار وقت إجراء المراجعة الأولى والثانية في فبراير 2024 ، وذلك حتى بعد احتساب التدفقات الصافية لصفقة رأس الحكمة، والتي تقدر ب 24 مليار دولار جديدة من إجمالي 35 مليار دولار هي قيمة الصفقة.

 

وزاد: كان ذلك سببا أساسيا في عدم إجراء تخفيض كبير آخرللعملة إلا في مارس 2024 ، حين أتت الأموال من صفقة رأس الحكمة، ليسجل الدولار الأن 48.46 جنيها، وفق آخر تحديث للبنك المركزي المصري.

 

بيع أصول الدولة

 

بيع أصول الدولة، كان أحد شروط برنامج صندوق النقد، وحسب التقرير، يقدم الصندوق الخصخصة وبيع الأصول المملوكة للدولة على أنها الطريق الأمثل لتحسين بيئة التنافس في الاقتصاد، غير أن تلك المشروطية غالبا ما تأتي على حساب الشركات الحكومية العامة والتي يُفترض أن تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وغيره من الأجهزة الرقابية.

 

وأوضح التقرير، أن الصندوق لا يفرق بشكل واضح بين الشركات المملوكة للقوات المسلحة أو الشراكات العسكرية-المدنية، وبين تلك الشركات المملوكة لقطاع الأعمال العام والأصول الحكومية، بالتالي كانت النتيجة هي بيع وخصخصة الشركات الحكومية، في حين تتعثر – عن قصد أو غير قصد– عمليات بيع الأصول المملوكة للشركات المملوكة للقوات المسلحة، كشركتي صافي ووطنية، اللتين تأجلت عملية بيعهما لأكثر من سنتين بعد الإعلان عنه، لأسباب لم يتم الإفصاح عنها.

 

نسبة الفقر

 

وفيما يخص نسبة الفقر، أكد التقرير أن الإجراءات الاجتماعية في شروط البرنامج انحصرت في زيادة تحويلات برنامجي تكافل وكرامة وهو برنامج التحويلات النقدية المشروطة الذي أطلقته الحكومة بدعم من الصندوق.

 

واختتم التقرير إلى أنه مع بداية تنفيذ برنامج القرض في يناير 2023، التزمت الحكومة بتخصيص ما لا يقل عن 153 مليار جنيه للإنفاق الاجتماعي، لكن الاتفاق والمراجعات لم تحدد معايير هذا الإنفاق الاجتماعي، ولا كيف سيتم توجيه تلك المبالغ، وعلى صعيد تكافل وكرامة، زاد نطاق الاستهداف بالفعل ليشمل خمسة مليون أسرة، لكن الزيادة الفعلية الموجهة للبرنامج كانت أقل من الانخفاض في قيمة العملة المحلية في المجمل خلال السنوات الأربع الأخيرة، فعلى الرغم من زيادة الإنفاق على البرنامجين بالجنيه، إلا أن القيمة المقومة بالدولار تراجعت: من 18 مليار جنيه في 2020 أي أقل من 1.1 مليار دولار إلى 40 مليار جنيه، ما يعادل 850 مليون دولار في مشروع الموازنة الحالية 2024/2025.

وبذلك، يجني المصريون الفقر والأزمات الاقتصادية والمعاناة المعيشية، جراء قروض الصندوق التي تذهب لسداد ديون السيسي، والتي تسببت فيها المشاريع الفنكوشية، التي لا يستفيد منها الشعب في شيء، كالقصور الرئاسية وطائرة ملكة السماء، وقصور وأبراج العاصمة الإدارية،  وأبراج العلمين، وغيرها من مشاريع الرفاهية التي لا يقترب منها الفقراء أساسا.