قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إنه على الرغم من أن رؤية ترامب لغزة قد تبدو بعيدة المنال – حيث رفضها العالم العربي بالإجماع، وأي ترحيل قسري للسكان يعد انتهاكًا للقانون الدولي – إلا أنها حولت الانتباه فجأة بعيدًا عن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار، الذي من المقرر أن تنتهي مرحلته الأولى التي تستمر ستة أسابيع في أوائل مارس.
وأكدت الصحيفة أن رؤية ترامب التي “تدارسها” مع عائلته وبعض مستشاريه منح “إسرائيل” مساحة للمناورة في غزة.
وأوضحت أنه بينما كان ترامب يرسم خططه العظيمة لغزة، لم يمارس سوى القليل من الضغط العلني على نتنياهو للمضي قدمًا في المحادثات بوساطة قطرية ومصرية لتحويل وقف إطلاق النار المؤقت إلى وقف دائم للأعمال العدائية.
مريام اديلسون
وفي سياق متصل، أوضح الإعلامي أحمد منصور المذيع بقناة الجزيرة عبر حسابه على إكس @amansouraja أن رؤية ترامب نابعة من مليارديرة أميركية صهيونية تدعى ميريام أديلسون وتحت عنوان (وعد ترامب للأرملة الصهيونية؟) قال “منصور”: “تصريحات ترامب عن غزة التي يراها كثير من المراقبين وحتى السياسيين على مستوى العالم دربا من الهراء والخرافة لها أهداف كثيرة داخلية وخارجية فعلى الصعيد الداخلى يخوض ترامب حربا كبيرة يقودها إيلون ماسك لتفكيك الدولة الأمريكية عبر تصفية الحسابات مع كل خصومه في كل موقع.
وأضاف أن “.. إقالة عشرات الآلاف من الموظفين أو دفعهم للإستقالة بما فيهم عملاء السي آي إيه وكبار موظفي أجهزة الدولة،أما على الصعيد الخارجي فربما تكون اختبارا لجس نبض العالم والعرب خصوصا بخصوص قراره الخطير المرتقب من خلال وعده للمليارديرة الإسرائيلية الأميركية الصهيونية ميريام أديلسون التي منحت حملته الانتخابية 100 مليون دولار مقابل إعلانه ضم الضفة الغربية لإسرائيل”.
وأبان أنه “سبق أن دعمت أديلسون وزوجها ترامب في حملته الرئاسية الأولى عام بمبلغ 75 مليون دولار مقابل إعلان القدس عاصمة لإسرائيل وقد فعلها ترامب”.
وتساءل أحمد منصور، “هل يهدف ترامب من خلال تصريحاته المتكررة طيلة الأيام الماضية عن غزة أن تكون قنبلة دخانية يغطي بها على هدفه الأساسي وهو ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل؟ لا سيما وأنه قال في تصريحات أخيرة إن “إسرائيل” دولة صغيرة؟ هل يفعلها ترامب ويفي بوعده للأرملة الصهيونية مالكة شركة “لاس فيغاس ساندز” للمنتجعات وصالات القمار، ويعلن ضم الضفة الغربية لإسرائيل؟ ثم يلتفت بعدها لغزة؟
https://x.com/amansouraja/status/1887817660898902208
الجهة المنهزمة
وقالت “نيويورك تايمز” في تقريرها إن “رؤية ترامب لمستقبل غزة تجاهل واقع الحرب” وأن خططه لم تتضمن أي أفكار لدفع محادثات وقف إطلاق النار قدمًا.
وأضافت أنه قبل أسبوع بالكاد، تجمع “الإسرائيليون” في ساحة الرهائن في تل أبيب، حاملين لافتات تشكر ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط لدورهم في تأمين اتفاق وقف إطلاق النار الأولي في غزة وإطلاق سراح بعض الرهائن. مبينة أن كثيرون منهم عبروا عن أملهم أن يضغط ترامب قويًا على بنيامين نتنياهو، لإجباره على التفاوض على إنهاء الحرب مع حماس وتأمين إطلاق سراح بقية الرهائن خلال لقائهما في واشنطن الثلاثاء وأنه بدلاً من ذلك، استيقظوا على فكرة ترامب الخيالية بإخلاء سكان غزة البالغ عددهم نحو مليوني شخص من القطاع المدمر لإفساح المجال أمام “ريفيرا شرق أوسطية مملوكة لأمريكا”.
واعتبرت أن الرؤية الترامبية تركت للكيان “مجالًا واسعًا لتقرير كيفية التعامل مع غزة في المرحلة القادمة.”.
وقالت إنه من المقرر أن تبدأ المحادثات هذا الأسبوع، لكنها باتت الآن في مهب الريح. وسيغادر نتنياهو واشنطن وقد حصل على تأييد ترامب لما يطالب به أعضاء اليمين المتطرف في حكومته من تهجير جماعي للفلسطينيين من غزة.
الرهائن في مهب الريح
واشارت إلى أن رؤية تارمب تترك مصير الرهائن الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس موضع تساؤل، حيث تقيّم الحركة خياراتها المستقبلية، في وقت يخشى العديد من الفلسطينيين من احتمال استئناف الحرب.
التخوفات نقلتها الصحيفة الامريكية عن إيديت أوهل، والدة الرهينة ألون أوهل، البالغ من العمر 23 عامًا، والذي اختُطف من ملجأ للقنابل أثناء محاولته الفرار من مهرجان موسيقي خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 قالت: “من ناحية، نحن ممتنون جدًا لما يفعله ترامب.. لكن الآن، لا أفهم تداعيات ما يقوله، أو كيف يمكن أن يساعد ذلك في إعادة ابني إلى المنزل”.
ولا يزال هناك حوالي 79 رهينة في غزة، يُفترض أن 35 منهم على الأقل قد لقوا حتفهم. ومن المقرر أن تبدأ المحادثات يوم الاثنين 10 فبراير- في اليوم 16 من الاتفاق – بشأن المرحلة الثانية، التي يفترض أن تؤدي إلى إطلاق جميع الرهائن الأحياء المتبقين، وإرساء وقف دائم لإطلاق النار، مما يعني انسحابًا كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة.
نتنياهو يصر على استمرار الحرب
وأشارت نيوروك تايمز إلى تعهد نتنياهو بمواصلة الحرب حتى تفقد حماس سيطرتها على غزة، وأكد أنه سيستأنف القتال إذا لزم الأمر. وأنه كرر تصريحاته في واشنطن، فأوضح نتنياهو أولوياته الثلاثة في غزة، حيث جاء ملف الرهائن في المرتبة الثانية فقط.
وقال: “في غزة، لدى إسرائيل ثلاث أهداف: تدمير القدرات العسكرية والإدارية لحماس، وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن، والتأكد من أن غزة لن تشكل تهديدًا لإسرائيل مرة أخرى”.
ترامب وعودة العدوان
وعن استعداد ترامب لاستئناف القتال، قالت إن ترامب بدا أقل التزامًا من ذي قبل بشأن مصير الرهائن وإنهاء الحرب، حيث صرح بأنه من غير الواضح ما إذا كان وقف إطلاق النار سيستمر. وقال: “أود إخراج جميع الرهائن. وإذا لم نفعل ذلك، فسيجعلنا ذلك أكثر عنفًا إلى حد ما”.
وعلق كوبي مايكل، الخبير في الصراع “الإسرائيلي”-الفلسطيني في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب “أعتقد أنه ألقى بلوحة الشطرنج القديمة عن الطاولة واستبدلها بلعبة مونوبولي.. لم يغير فقط قواعد اللعبة، بل غير اللعبة نفسها”.
وقال مايكل: “إن رؤية ترامب لغزة بدون سكانها قد تعمل كتهديد وتضع ضغطًا هائلًا على حماس للإفراج عن المزيد من الرهائن، لكنه حذر من أنها قد تدفع حماس أيضًا إلى الانسحاب من الصفقة بالكامل”.
وعلق زكريا القاق، الخبير الفلسطيني في الأمن القومي، للصحيفة قائلا إن مجرد اقتراح ترحيل مليوني فلسطيني قد يعقد مفاوضات وقف إطلاق النار ويزعزع استقرار العالم العربي بأسره.
ووصف إعلان ترامب بأنه “الوصفة المثالية لتجنيد المزيد من الأشخاص في حماس”، مضيفًا أن الاستعمار الجديد الذي يطرحه ترامب يمنح حماس أدوات تسويق سهلة”.