الامتداد التاريخي والحضاري لفلسطين في مواجهة مقامرة شنشار العقارات الأمريكي ترامب

- ‎فيتقارير

بإعلان ترامب تدخله السافر في فلسطين معلنا أنه سيضخ استثمارات في البلد الذي تبلغ عراقته وحضراته مابين 7500 و3100 ق، وتأسيس مدينة أريحا التي يعتبرها المؤرخون أقدم بلدة في التاريخ، فتح مقارنات، بين بلده  التي نشأت منذ 4 قرون بانية حضارتها على الجيوش والقسوة العسكرية التي لا تعرف الرحمة والرأفة، ولا القيم الإنسانية، وإن ادّعى السياسيون كذباً وزوراً أنهم يجعلونها نصب أعينهم.

 

وفي مقابل الحضارات المتعددة والثقافات التي عاشتها فلسطين، فإن أمريكا ذات الوجه القبيح المُكفَهر، هي أمريكا السياسة والجيوش وأسلحة الدمار الشامل والتسلط والقتل التي تجلّت جرائمها في أوج أوجها في (نكزاكي) و(هيروشيما)، فقتلت في ومضة عين الآلاف، وشردت الملايين.

 

كذلك في فيتنام حيث أجرم السياسي الأمريكي في توظيف المخترعات التدميرية لإبادة شعب ذنبه فقط أنه رفض أن يذعن ويستكين لهم ولعملائهم.

 

وفي أفغانستان استغل الأمريكيون التأسلم السياسي وأشعلوا جذوة الجهاد، ووجهها إلى مناوئيه آنذاك السوفييت، حتى أثخن بهم الجراح، ولما قضى منهم وطره، أدار لهم ظهره، وتركهم يواجهون واقعهم المرير، ظناً منه أن الإنسان غير الأمريكي بمثابة النعلين، إذا اهترأت ألقى بها في المزبلة، وذهب يبحث عن آخرين يحقق بهم أهدافه وقوّته وسطوته، فكان التمرد والإرهاب، الذي يكتوي الغرب بأكمله بمن فيه الأمريكيون أنفسهم، هي صناعة في المنشأ والأساس أمريكية.

 

وكان لا بد أن يدفعوا ثمناً، يحاولون الآن التملص منه، وتحميل غيرهم المسؤولية.

 

أم العراق فتفاوت التقديرات للعدد الإجمالي لقتلى الغزو من العراقيين تبعا لجهة صدورها؛ فقد أفادت دراسة أعدها معهد الاستطلاعات البريطاني في صيف عام 2007 بأن عدد قتلى الغزو من العراقيين بلغ حتى ذلك التاريخ حوالي مليون شخص، من أصل 26 مليونا هم سكان العراق، وكان تقرير للمجلة العلمية البريطانية “ذي لانسيت” صدر في أكتوبر 2006 قدر عددهم بما لا يقل عن 655 ألف قتيل.

 

وتعتبر استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية خلال الحروب التي تخوضها عدم المشاركة في البداية، وانهاكهم عبر الحصار والصراعات الداخلية، حيث تأتي مشاركتها متأخرة.

 

فدخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى في أبريل عام 1917؛ أي بعد سنتين ونصف السنة من بداية الحرب. كما تأخرت مشاركتها في الحرب العالمية الثانية حتى نهاية عام 1941.

 

حفظ هذا التأخر في دخول الحروب العالمية عليها -الولايات المتحدة- قوتها ومواردها من الاستنزاف الذي تعرضت له باقي الدول المشاركة، خرجت كل الأطراف من الحرب العالمية الثانية منهكة باستثناء الولايات المتحدة؛ مما هيأها لقطف الثمرة بشكل شبه منفرد.

 

والآن بعد أن دمرت إسرائيل غزة تظهر أمريكا، والمقاومة قد انهكت في ظل تراجع عربي وإسلامي عن توفير الحماية والدعم للفلسطينيين الذين يخوضون ليس فقط حربا لاستعادة الأرض، بل حرب نيابة عن الأمة لحماية واستعادة المقدسات الإسلامية.

 

رغم التنديدات الدولية التي فجرتها تصريحاتها السابقة حول الاستيلاء وشراء قطاع غزة، أطل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجدداً ليصب الزيت على النار،  مؤكدا أن الفلسطينيين لن يحظوا بحق العودة، بموجب خطته للسيطرة على القطاع المدمر.

 

وكان ترامب أعلن في تصريحات سابقة، أنه ملتزم بشراء غزة وامتلاكها، مشيرا إلى أنه قد يعطي أجزاء من القطاع الساحلي لدول أخرى في الشرق الأوسط للمساعدة في جهود إعادة الإعمار، من دون أن يحدد ما هي تلك الدول التي قصدها، كما زعم أنه سيحول غزة إلى موقع جيد للتنمية المستقبلية

 

وسبق للرئيس الأميركي أن تحدث مرارا خلال الأيام الماضية عن الاستيلاء على القطاع ونقل الفلسطينيين منه إلى دول الجوار، منها مصر والأردن، على الرغم من معارضة البلدين، كما اقترح تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” حيث يقطنها مواطنون من كافة أنحاء العالم.

فلسطين أرض الحضارة والتاريخ

 

وكان أول حدث تاريخي في فلسطين هو تأسيس مدينة أريحا التي يعتبرها المؤرخون أقدم بلدة في التاريخ، وقد وجدت آثار لها قرب بلدة عين السلطان.

 

وفي أواخر الألف الرابعة قبل الميلاد بدأ سكان المنطقة يتعرفون على النحاس ويستخدمونه في بعض الصناعات البدائية، ولذا أطلق المؤرخون على تلك الفترة العصر الحجري النحاسي.

أولى الهجرات البشرية

 

وكانت أولى الهجرات البشرية الهامة في فلسطين ففي بداية الألف الثالثة قبل الميلاد، وهي هجرة الكنعانيين الذين عرفوا باسم الأماكن التي نزلوا فيها، وبعد فترة أصبحت هناك ثلاث لغات: الكنعانية والآرامية -لغة المسيح عليه السلام- والعربية، وظلت فلسطين تسمى أرض كنعان حتى عام 1200 ق.م حينما غزتها القبائل الكريتية.

أرض الأنبياء والمقدسات

 

في الألف الثالثة قبل الميلاد هاجر إبراهيم عليه السلام من بلدة أور في العراق إلى فلسطين، وهناك أنجب إسحق والد يعقوب الذي يسمى كذلك إسرائيل وإليه ينتسب الإسرائيليون.

 

وبسبب المجاعة التي اجتاحت فلسطين هاجر يعقوب عليه السلام وأولاده إلى مصر حيث كان ابنه النبي يوسف عليه السلام قائما على خزائنها، وهي قصة فصلها القرآن الكريم في سورة يوسف، واستقر الإسرائيليون في مصر وكثر عددهم، ولكنهم بدؤوا يتعرضون للاضطهاد في عهد رمسيس الثاني فقرر موسى عليه السلام الخروج بهم إلى أرض كنعان، وهذه القصة وردت في القرآن الكريم في مواضع كثيرة.

 

ومكث بنو إسرائيل في الصحراء أربعين سنة قبل أن يتمكنوا من دخول فلسطين بعد موت موسىعليه السلام في عهد النبي يوشع، وتمكن داود عليه السلام من إقامة مملكة لبني إسرائيل في القدس بعدما انتصر الإسرائيليون على جالوت.

تولى داود عليه السلام الملك ونجح في توحيد الإسرائيليين مرة أخرى وقضى على الخلافات والحروب التي كانت بينهم، واستطاع هزيمة اليبوسيين وتأسيس مملكة إسرائيل واتخذ أورشليم عاصمة (القدس) لمملكته.

 

وبعد موت سليمان بن داود عليهما السلام عام 935 ق.م انقسمت المملكة على نفسها، فقامت يهوذا في القدس ومملكة إسرائيل في السامرة، ونشبت الخلافات والحروب بين المملكتين، واستعانت كل منهما بملوك مصر أو آشور ضد الأخرى، مما أضعفهما معاً وأضعف سلطتهما على السكان فعادت الاضطرابات مرة أخرى.

 

اختفاء الدولة اليهودية

 

وبسبب غزوات الآشوريين والكلدانيين اختفت دولة اليهود في فلسطين بعد أن عاشت أربعة قرون (1000 – 586 ق.م) كانت حافلة بالخلافات والحروب والاضطرابات.

 

وتعتبر تلك الفترة من أهم فترات التاريخ الفلسطيني، حيث يستند إليها اليهود في ادعائهم بأحقيتهم في العودة إلى فلسطين التي سموها أرض الميعاد.

 

 العصر المسيحي وكنيسة المهد

 

تمثل كنيسة «المهد» في مدينة بيت لحم بفلسطين أهمية وتفردا دينيا وطقسيا خاصا لملايين المسيحيين حول العالم، كما تعتبر الكنيسة قبلة «حج» لمسيحيي العالم للتبرك بمغارة ومكان المزود الذي ولد فيه السيد المسيح، عليه السلام، حيث يأتي المسيحيون من كل الطوائف بأنحاء العالم لزيارة الكنيسة للتبرك والصلاة إلى الله في المكان الذي ولد فيه السيد المسيح عليه السلام.

 

ويزورالملايين من المسيحيين، كنيسة المهد في بيت لحم ،على مدار العام، خصوصًا في فترة الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد، والعام الميلادي الجديد كل عام.

 

 تضم الكنيسة التي يتجاوز عمرها 1697 عامًا، المغارة التي ولد فيها السيد المسيح، وتم تحويلها إلى مكان للصلاة والعبادة، وكذلك المزود الذي ضم المسيح وهو طفل صغير، ما جعل المكانين يحظيان بقدسية وأهمية خاصة جدًا لدى جموع المسيحيين حول العالم من مختلف الطوائف.

الفتح الإسلامي لفلسطين

أرسل الخليفة أبو بكر الصديق عدة جيوش سنة 633 لفتح بلاد الشام بقيادة عمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وأبي عبيدة بن الجراح، فهزم يزيد الروم في وادي عربة جنوب البحر الميت وتعقبهم حتى غزة في عام 634.

 

وبعد وفاة الخليفة أبو بكر الصديق وتولى الخلافة من بعده عمر بن الخطاب، فأمر الجيوش الإسلامية الموجودة في فلسطين بمواصلة القتال لاستكمال الفتح، وأمر خالد بن الوليد بتوحيد الجيوش الإسلامية في جيش واحد، واشتبك خالد مع الروم في معركة اليرموك التي شكل نصر المسلمين فيها لحظة حاسمة في تاريخ فلسطين، إذ تم فيها طرد الرومان منها.

اشترط البطريرك صفرونيوس أن يتسلم الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه مدينة القدس التي كانت تسمى آنذاك “إيلياء”، فحضر عمر إلى فلسطين وكتب للمسيحيين عهداً أمنهم فيه على كنائسهم وصلبانهم، واشترط فيه ألا يسكن أحد من اليهود تلك المدينة المقدسة، ومنذ ذلك الحين تدفقت القبائل العربية من سوريا والحجاز ونجد واليمن وسكنت الأراضي الفلسطينية التي أصبح معظم أهلها مسلمين، وأصبحت اللغة العربية هي اللغة السائدة.